قطار سريع بين قطر والسعودية.. نظرة على المشروع الإستراتيجي وأهدافه

في جلسة مباحثات رسمية بين أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، رحّب الجانبان بدفع التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى مستويات أوسع. وقد ركّزت المباحثات على تعزيز الشراكة في مجموعة من المجالات الحيوية، من بينها الاقتصاد الرقمي والصناعة والتعليم والإعلام والصحة.
وخلال اللقاء نفسه تم توقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم شملت النقل، وتشجيع الاستثمار، والأمن الغذائي، والعمل الإعلامي، إضافة إلى التعاون في القطاع غير الربحي.
وأكد الطرفان رغبتهما في توسيع التعاون في مجالات الطاقة بما يشمل الكهرباء والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتطوير المشاريع المشتركة بما يحقق الفائدة لاقتصادي البلدين.
وشهدت المباحثات أيضًا توقيع اتفاقية إنشاء خط القطار الكهربائي السريع بين قطر والسعودية ليربط الدوحة بالرياض، في خطوة تعزّز الربط الإقليمي وحركة النقل بين البلدين.
مشروع القطار الكهربائي السريع بين الدوحة والرياض
ويمثّل مشروع القطار الكهربائي السريع بين الدوحة والرياض خطوة نوعية في الربط الإقليمي، إذ سيمر عبر الدمام والهفوف على مسار يمتد 785 كيلومترًا، يربط بين مطار حمد الدولي في الدوحة ومطار الملك سلمان الدولي في الرياض. ويضع الخط الجديد مسارًا سريعًا ومستدامًا لتنقل الركّاب ويعيد تعريف تجربة السفر في المنطقة.
وسيختصر القطار الذي تتجاوز سرعته 300 كيلومتر في الساعة زمن الرحلة بين العاصمتين إلى نحو ساعتين فقط، فاتحًا الباب أمام حركة تجارية وسياحية أكثر مرونة ومحفزًا للنمو الاقتصادي بين البلدين.
ومع اكتمال المشروع خلال ست سنوات، من المتوقع أن يخدم القطار السريع أكثر من 10 ملايين راكب سنويًا، ويوفّر ما يزيد على 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، فيما يبلغ الأثر الاقتصادي المتوقع نحو 30 مليار دولار تضاف إلى الناتج المحلي للبلدين، ما يجعل هذا الخط أحد أبرز المشروعات الإستراتيجية في المنطقة ودعامة رئيسية للتنمية وتعزيز التكامل الخليجي عبر شبكة سكك حديد متطورة.
تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدوحة والرياض
ويسهم مشروع الربط بالقطار الكهربائي السريع بين قطر والسعودية في تعزيز جهود البلدين لتنويع القاعدة الاقتصادية، فهو اتفاق لتقصير المسافات وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين قطبين من أقطاب النفط والغاز في العالم.
وقد وقعته الرياض والدوحة في مجلس التنسيق المشترك المنعقد في العاصمة السعودية برئاسة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
وأكد البلدان أهمية هذا المشروع الإستراتيجي لانسجامه مع رؤيتيهما للعام 2030، ولإسهامه في تسهيل تدفق السياحة والتجارة في الاتجاهين.
ويتوقع أن يرفع القطار أعداد السياح السعوديين إلى الدوحة، التي استقبلت العام الماضي 5 ملايين زائر دولي، كما ينعكس المشروع إيجابًا على السياحة في المملكة التي قصدها 30 مليون زائر. ويأتي هذا المشروع بعد استكمال الدوحة معظم شبكة النقل بالقطارات عبر مترو الدوحة، الذي استوعب ملايين الركاب خلال استضافة كأس العالم 2022، في وقت تمضي فيه السعودية قدمًا في تطوير شبكتها للقطارات استعدادًا لاحتضان المونديال.
وفي إطار مساعي البلدين لتقليص الاعتماد على عوائد النفط والغاز، تريد المملكة تعزيز مساهمة قطاع النقل إلى 26% من الناتج المحلي العام المقبل، بينما تواصل الدوحة الاستثمار في الطاقة المتجددة وتشغيل أسطول الحافلات الكهربائية لأهداف بيئية واقتصادية.
وتدرك الدول الخليجية مخاطر الارتهان للوقود الأحفوري، وتعي ضرورة الإسراع في تنمية القطاعات غير النفطية لتكون بنية اقتصاداتها أكثر قدرة على استيعاب تقلبات الاقتصاد العالمي.
الآفاق الاقتصادية للمشروع
وفي هذا الإطار، يرى الكاتب والخبير الاقتصادي القطري عبد الله الخاطر أن مشروع القطار يكتسب أهمية كبيرة بالنظر إلى كونه يربط بين الدوحة والرياض، وله تداعيات اقتصادية مهمة أبرزها خفض التكاليف وزيادة الربط بين الأسواق.
وأضاف أن اللقاء بين القيادتين يأتي في لحظة تاريخية دقيقة، مع إعادة تشكيل النظام الدولي والاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن المنطقة تتجه نحو الاقتصاد الذاتي، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، والطاقة بوصفها محورًا أساسيًا.
وأوضح أن التعاون القطري-السعودي يشمل مجالات متعددة منها الطاقة المتجددة، والصناديق السيادية، والتعليم، والصحة، مؤكدًا أن المشروع يعكس التزامًا واضحًا بالانتقال نحو الطاقة النظيفة، لكون القطار كهربائيًا ومتوافقًا مع المعايير البيئية الحديثة.
تعزيز حركة النقل
ويشرح الكاتب والخبير الاقتصادي القطري أن مشروع الربط قد يشكّل قاعدة لشبكة قطارات خليجية متكاملة، سواء للركاب أو الشحن، ما يعزز حركة رأس المال والاستثمارات ومشاريع الاندماج والشراكات الاقتصادية.
وسيساعد هذا القطار على تنشيط حركة السائحين والزوار بين البلدين، ويعزز قطاع الضيافة والترفيه، ويوفر خيارات متنوعة للعائلات والمقيمين والزوار، كما يسهل حركة المستثمرين الذين يفضلون التنقل السريع بين المدن أثناء دراسة المشاريع، وفق الخاطر.
وفي الجانب البيئي، يلحظ الخاطر أن المشروع يعكس التزام البلدين بالتحول نحو الطاقة النظيفة واستخدام المركبات الكهربائية والحلول المستدامة، استعدادًا لمرحلة ما بعد الهيدروكربونات، معتبرًا أن المنطقة قادرة على الإبداع والابتكار في ظل التوجهات الحالية.



