أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الإثنين، وفاة رضيع فلسطيني جراء البرد الشديد، في وقت سُجّلت فيه أيضًا وفاة مواطن نتيجة انهيار مبنى متضرر، في مؤشر جديد على تفاقم الخسائر البشرية المرتبطة بالأحوال الجوية القاسية التي تضرب القطاع المحاصر.

وفي السياق ذاته، ارتفعت حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 71,266 شهيدًا و171,222 مصابًا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في ظل استمرار تعذّر وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إلى مناطق عدة لا يزال ضحاياها تحت الركام وفي الطرقات.

وقالت مصادر طبية لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، اليوم، إن مستشفيات القطاع استقبلت خلال 48 ساعة شهيدًا واحدًا جرى انتشاله و3 إصابات، فيما ارتفع إجمالي الشهداء منذ وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر إلى 414 شهيدًا، وإجمالي الإصابات إلى 1,145، إضافة إلى انتشال 680 جثمانًا.

وبيّنت المصادر أن وفاة المواطن جراء انهيار مبنى ترفع عدد الضحايا الذين وصلت جثامينهم إلى المستشفيات بسبب انهيار المباني المتضررة بفعل المنخفضات الجوية إلى 17 حالة، فيما أدت وفاة الرضيع إلى ارتفاع عدد الوفيات المرتبطة بالبرد والأحوال الجوية القاسية إلى 3 حالات.

خيام في مهب “الرياح”

وتأتي هذه الخسائر البشرية، في وقت تتزامن فيه الأحوال الجوية العنيفة مع أوضاع إنسانية غير مسبوقة يعيشها مئات آلاف النازحين في خيام ومراكز إيواء بدائية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحماية.

ومع اشتداد تأثير المنخفضات الجوية، دمّرت الرياح العاتية خيام نازحين واقتلعت أخرى، فيما غمرت مياه الأمطار عشرات المخيمات المقامة في مناطق منخفضة، ما وضع العائلات، خصوصًا الأطفال وكبار السن، أمام مخاطر الغرق والأمراض، في ظل نقص حاد في الإمكانيات وغياب شبه كامل لوسائل التدفئة والحماية من البرد.

وأفادت مصادر ميدانية للمركز الفلسطيني للإعلام بأن عائلات كاملة اضطرت إلى الخروج إلى العراء بعد تطاير خيامها وسط طقس شديد البرودة، الأمر الذي ألحق أضرارًا بأكثر من ربع مليون نازح من أصل نحو 1.5 مليون فلسطيني يعيشون في الخيام المتهالكة. 

درجات حرارة منخفضة في قطاع غزة، والمعاناة الإنسانية تتفاقم في ظل اقتلاع آلاف خيام النازحين بسبب مياه الأمطار والرياح القوية.. التفاصيل مع مراسل التلفزيون العربي عاصم النبيه pic.twitter.com/L3hT5ovLtU

— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 29, 2025

من جهتها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، اليوم إن نحو 235 ألف شخص في قطاع غزة تضرروا جراء المنخفض الجوي “بايرون”، الذي تسبب بانهيار مبانٍ وتلف واسع في الخيام خلال الفترة ما بين 10 و17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وأوضحت الوكالة، في تدوينة عبر منصة “إكس”، أن “أشهرًا من الحرب والنزوح أجبرت الناس في غزة على العيش وسط أنقاض آيلة للانهيار، وفي مساكن مؤقتة أو خيام بالية”.

وشددت على أن العاصفة تمثل كارثة طبيعية، إلا أن تداعياتها “من صنع الإنسان”، في إشارة إلى حجم الدمار وغياب الملاجئ الآمنة نتيجة حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة.

وبحسب معطيات نقلتها الأونروا عن مجموعة المأوى في غزة، التي تضم منظمات أممية وأخرى غير حكومية، فقد انهار نحو 17 مبنى، وتضررت أكثر من 42 ألف خيمة أو مأوى مؤقت تضررًا كليًا أو جزئيًا خلال أسبوع واحد، ما أثر بشكل مباشر على ما لا يقل عن 235 ألف شخص.

أطفال بلا تدفئة

ويواجه النازحون الفلسطينيون أوضاعًا إنسانية بالغة القسوة في ظل برد قارس ورياح قوية، إذ يعيش آلاف منهم في خيام مصنوعة من النايلون والقماش الرقيق لا توفر أي عزل من الأمطار والعواصف. ويقيم معظمهم في الشوارع والملاعب والساحات العامة والمدارس من دون وسائل تدفئة أو حماية من تقلبات الطقس.

ويفاقم غياب الوقود من حدة الأزمة، إذ تعجز العائلات عن تأمين أي وسيلة للتدفئة مع الانخفاض الحاد في درجات الحرارة ليلًا، ما انعكس بشكل خاص على الأطفال. وفي ظل انعدام البدائل، يضطر كثير من الفلسطينيين إلى الاحتماء داخل مبانٍ متصدعة وآيلة للسقوط، بعد أن دمّر جيش الاحتلال معظم الأحياء السكنية ومنع إدخال البيوت المتنقلة ومواد البناء والإعمار.

ومنذ بدء تأثير المنخفضات الجوية على قطاع غزة مطلع ديسمبر الجاري، لقي 20 فلسطينيًا، بينهم 4 أطفال، مصرعهم، فيما غرقت نحو 90% من مراكز إيواء النازحين الذين دُمّرت منازلهم، وفق بيان سابق للدفاع المدني في القطاع.

وفي ظل هذه الأوضاع، توقعت دائرة الأرصاد الجوية أن تتأثر المنطقة، اليوم الإثنين، بمنخفض جوي جديد يتولد في محيط جزيرة قبرص ويبدأ تأثيره مع ساعات الصباح، مع تجدد هطول الأمطار في مناطق واسعة تكون غزيرة ورعدية أحيانًا، ونشاط للرياح مع هبات قوية قد تتجاوز سرعتها 80 كم/ ساعة، قبل أن يضعف تأثير المنخفض ليل الإثنين.