أبعاد

المشهد السياسي في تونس عام 2025.. الشارع يفرض نفسه مجددًا

ميّز تنامي الحراك الاحتجاجي المشهد العام في تونس خلال عام 2025، حيث تحوّلت العاصمة تونس خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى مسرح لتحركات مكثفة نظمتها المعارضة السياسية والمدنية ضد الرئيس قيس سعيّد، مطالبة بإسقاطه وإطلاق سراح قادة المعارضة الموقوفين.

وأحصى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ارتفاعًا في وتيرة التحركات الاحتجاجية بأكثر من 80% خلال عام 2025، مقارنة بعام 2024، في مؤشر يعكس تصاعدًا غير مسبوق في الحراك السياسي والاجتماعي.

وخلال نهاية العام الحالي، بلغ سقف الاحتجاج السياسي في تونس مستوى لم يبلغه منذ 25 يوليو/ تموز 2021، مع تصاعد الشعارات، وارتفاع منسوب الجرأة، واتساع رقعة المشاركة، من حيث العدد والاستمرارية.

جيل شبابي جديد

وفي عمق هذا الحراك السياسي والنضال الحقوقي، برز تحوّل بنيوي في فعل الاحتجاج ذاته، إذ تراجعت قيادة الأحزاب التقليدية خطوة إلى الخلف، مقابل تصدّر قيادات المجتمع المدني الصفوف الأولى، وظهور جيل شبابي جديد يعلي سقف الموقف، ويعيد إلقاء الهمّ العام إلى الشارع بوصفه الفضاء المركزي للفعل السياسي.

وفي هذا السياق، قالت نورس الدوزي، الناشطة في حملة “أطلقوا سراح أحمد صواب”، إن المعارضة السياسية والمدنية في تونس ارتأت إخراج عملها المعارض من الإطار البياني أو من حملات الإسناد المحدودة أمام قصور العدالة، وعدم حصر الفعل السياسي في هذا المجال، بل إعادة السياسة إلى الفضاء المدني والفضاء العام، حيث يكون الشارع محوره وأساسه.

وكان يُقال إن “الشارع مات”، في توصيف لحالة ظُنّ أنها سائدة، غير أن عودة مفاعيل الاحتجاج الاجتماعي خلال عام 2025 بدّدت هذا التصور، إذ كذّب الشارع نبأ موته، وفق مراسل التلفزيون العربي خليل كلاعي. 

وعادت هياكل ونقابات الاتحاد العام التونسي للشغل إلى الواجهة، تارة عبر المطلبية وتارة أخرى عبر الإضرابات، بالتوازي مع تحركات الأطباء الشبان الذين يخوضون معركتهم الخاصة دفاعًا عن الصحة العمومية.

وللعاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات الجامعية، وكذلك للدكاترة المعطّلين عن العمل، نصيب بارز من هذا الحراك، في مشهد يصفه المتابعون بأنه فسيفساء احتجاجية متعددة الخلفيات، وممتدة الساحات.

ارتفاع وتيرة الاحتجاجات

وفي هذا الإطار، قال رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن سنة 2025 عرفت ارتفاعًا في وتيرة الاحتجاجات بأكثر من 80%، مع تحوّل الفضاء العام والشارع ليس فقط إلى فضاء احتجاجي، بل إلى فضاء لإدارة التفاوض وتحقيق المطالب، في ظل تراجع دور الوسائط التقليدية.

وأوضح في حديثه للتلفزيون العربي، أن الاحتجاجات تركزت أساسًا في العاصمة تونس، من دون أن يمنع ذلك امتدادها إلى الجهات الداخلية، مشيرًا إلى تنوّعها بين الاحتجاجات النقابية والبيئية، ولا سيما تلك المرتبطة بالسياسات العمومية.

وفي هذا السياق، شكّل ما يوصف بإخفاق السياسات العمومية أحد أبرز أسباب المطالبة بإغلاق وحدات المجمع الكيميائي في قابس، حيث رافق المشهد الاحتجاجي تسجيل عشرات حالات الاختناق جراء انبعاثات غازية سامة مصدرها هذا المجمع. وتحول الحق في الحياة في بيئة خالية من الملوّثات إلى عنوان احتجاجي رفعه عشرات الآلاف.

وكغيره من العناوين الاحتجاجية، سواء كانت بيئية أو قطاعية أو اجتماعية أو سياسية، حمل عام 2025 كما كبيرًا من المطالب والأسئلة الحرجة، في وقت تُرحَّل فيه الأجوبة إلى العام الجديد.

يُذكر أن جلّ مظاهرات المعارضة التونسية ضد الرئيس سعيد انطلقت من محيط مقر نقابة الصحافيين، حيث لا تزال العناوين السياسية قائمة، إلى جانب العناوين الاحتجاجية النقابية والبيئية والفئوية، في مشهد يؤشر إلى أن هذه القضايا ستواصل تشكيل المدار الاحتجاجي في تونس خلال العام المقبل.

hglai] hgsdhsd td j,ks uhl 2025>> hgahvu dtvq ktsi l[]]~h

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد