غالباً ما يربط التحكم في أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري إطاراً غذائياً صارماً يركز على تقليل الكربوهيدرات. وهناك فكرة خاطئة شائعة مفادها وجوب تجنّب الكربوهيدرات تماماً، خاصة لدى مرضى السكري. الواقع أن تأثير الكربوهيدرات يختلف باختلاف النوع، وأن إدراج النوع الصحيح منها جزءاً أساسياً من الإدارة الغذائية. يستعرض هذا المقال العلاقة بين الحبوب الكاملة والتحكم في السكري، مع تركيز خاص على الشعير كحبة كاملة معروفة بخصائصها المفيدة في ضبط نسبة السكر في الدم.

الكربوهات هي المصدر الأساسي للطاقة لأنها تتحول إلى جلوكوز. عند تناولها، يطرأ ارتفاع وانخفاض طبيعيان في سكر الدم خلال اليوم، وتجاوب الجسم يتفاوت بشكل كبير وفق نوع الكربوهيدرات هل هي مكررة أم معقدة. غالباً ما تحتوي الكربوهيدرات المكررة الموجودة في الخبز الأبيض والمعكرونة على ألياف أقل ومحتوى سكر أعلى، فتُمتّص الجلوكوز بسرعة وتحدث تقلبات في مستويات السكر.

أما الكربوهيدرات المعقدة، كالحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والبقوليات، فهضمها أبطأ بفعل أليافها، مما يضمن إطلاق جلوكوز تدريجي إلى مجرى الدم. وتتميز الحبوب الكاملة بأنها تشمل النخالة، الجراثيم، والسويداء وتزود الجسم بعناصر غذائية قيمة، كما تمده بالألياف ومضادات الأكسدة وفيتامينات ب والدهون الصحية. أُشير إلى دراسات، من أبرزها بحث نُشر عام 2020 في المجلة الطبية البريطانية، لتأكيد فوائد الحبوب الكاملة في الوقاية من السكري.

ويوجد مزيد من الأبحاث التي تؤكد أن الحبوب الكاملة قد تعزز التحكم بالسكر عبر دعم وظيفة خلايا بيتا المسؤولة عن إفراز الأنسولين. يبرز الشعير كأحد هذه الحبوب الفعالة لإدارة ارتفاع سكر الدم، بفضل احتوائه على نسبة عالية من الألياف، خاصة بيتا جلوكان، التي تساهم في تهدئة ارتفاع السكر وتحسين الهضم وتوازن الدم. كما أنّ الشعير غني بمضادات الأكسدة التي تقاوم الالتهابات والإجهاد التأكسدي المرتبط بالسكري، وتعدد استخداماته يجعل إضافة ممتازة في الحساء والسلطات أو حتى كبديل للمكرونة في وصفات كلاسيكية.

يمكن دمج الشعير في الوجبات اليومية بطرق مرنة، فإلى جانب كونه مكوّناً في الشوربة، يمكن رشه كحبوب إضافية فوق السلطة أو دمجه كخليط بديل لمكرونة الشعيرية في الوصفات الكلاسيكية، ما يمنح الوجبات قيمة غذائية أعلى دون فقدان الطعم.

عند الجمع مع أطعمة أخرى عالية الألياف مثل الفول، يعزز الشعير من خصائصه التنظيمية لسكر الدم. وبخلاف الاعتقاد الشائع، الحبوب الكاملة مثل الشعير قد تفيد مرضى السكري، خاصة عند توازنها مع أطعمة أخرى وتقدير الكمية بناءً على الحالة الصحية الشخصية.

مع استشارة الخبراء في الرعاية الصحية وخطط التغذية، يمكن تخصيص مقدار الكربوهيدرات وفق الاحتياجات الفردية لضمان تحكم أمثل في السكري.

ختاماً، يظل الشعير خياراً غذائياً متزنًا يساهم في نمط حياة صحي لكن ليس بديلاً عن توجيهات الطبيب. تبني هذا المسار الغذائي يحتاج إلى متابعة مستمرة وتعديل تدريجي في العادات اليومية لتحقيق نتائج ملموسة.