تحقيق للعربي يكشف تفاصيل تدمير الكتيبة 7810 الإسرائيلية للمنازل في غزة

شيئًا فشيئًا تزيد الهواجس من تحول الخط الأصفر الذي أقره اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ليرسم حدود الانتشار المؤقت للاحتلال الإسرائيلي في القطاع إلى حدود جديدة.
ويحشر الغزيون في مساحات تضيق يومًا بعد يوم، بفعل تدمير إسرائيل بيوت الفلسطينيين، لتثبت على الأرض ما لم يسعفها الوقت لتنفيذه بعد انتهاء المعارك.
وحسب الاتفاق الذي سرى في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان يفترض أن يوقف الاحتلال عملياته داخل الأحياء السكنية، ويقتصر وجوده على مناطق معينة قرب الحدود، لكن مقاطع تداولها جنود احتياط على حساباتهم الشخصية تظهر عمليات نسف ممنهجة خلف الخط الأصفر في مناطق خرجت نظريًا عن دائرة الاستهداف المباشر.
العربي يكشف أسرار نشاط الكتيبة الهندسية 7810 الإسرائيلية
كشفت وحدة المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي أن الكتيبة الهندسية 7810 وهي كتيبة احتياط في الجيش الإسرائيلي، وثقت على منصات التواصل الاجتماعي تنفيذ عمليات نسف واسعة لمنازل الفلسطينيين، بعد سريان الاتفاق.
وبتتبع عشرات المقاطع واللقطات والصور الشخصية، وربطها بمعلومات مهنية ومدنية عن الجنود والضباط، يرصد التحقيق الشبكة التي تدير هذا التدمير الممنهج من صغار الجنود إلى القادة ومن يجمع التبرعات ومن يدير حملات الدعم.
وكانت البداية برصد مقطع نشره حساب settlers from within في 27 أكتوبر الماضي، يظهر تفجيرات ليلية نسبت إلى الاحتلال، ووقعت في مناطق خلف الخط الأصفر.
ولتوثيق زمان ومكان الجريمة، بحث التلفزيون العربي عن تغطيات تحدثت عن عمليات نسف ليلية في الأسبوع الذي نشر فيه الفيديو، فعثر الفريق على خبر نشره الصحفي مهند قشطة في الرابع والعشرين من أكتوبر، أفاد بتفجير مربعات سكنية في قيزان النجار جنوبي خانيونس.
بمقارنة لقطة ثابتة من المقطع مع صور أقمار صناعية، خلص فريق التلفزيون العربي إلى أن موقع التفجير الذي وثقه الجندي يقع عند هذه الإحداثيات خلف الخط الأصفر.
وباستخدام أداة متخصصة لتحديد الهوية عبر الوجه، ثم بالتحقق اليدوي من ملامح الوجه، ومن الملابس والشعارات العسكرية، ومن البيئة المحيطة، سعى التحقيق لتحديد الجنود والضباط الضالعين في تدمير المنازل بعد وقف إطلاق النار.
وخلص التحقيق إلى أن الجندي الظاهر في المقطع هو يشاي جفيرتزمان، وهو أيضًا صاحب حسابات أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي إكس وفيسبوك وإنستغرام.
وقبل العدوان، يشاي شغل منصب مدير عمليات بلدية خريش، وهي مستوطنة جنوبي وادي عارة ضمن منطقة حيفا، ويقدم يشاي نفسه أيضًا بوصفه مؤثرًا ومقدم بودكاست يناقش على حساباته الشؤون العامة في إسرائيل.
حسابات الجندي الإسرائيلي يشاي جفيرتزمان
ومع بدء طوفان الأقصى، التحق يشاي بصفوف جيش الاحتياط ثم بالكتيبة الهندسية 7810، وتحولت حساباته على مواقع التواصل إلى منصة لرفع معنويات جنود الاحتلال بنشر لقطات من خدمته العسكرية ومن عمليات الكتيبة داخل القطاع.
ودقق التلفزيون العربي في حساب الإنستغرام، فعثر على النسخ الأصلية للمقطعين المنتشرين عبر الحسابات الرقابية.
في المقطع الأول في 27 أكتوبر الماضي، ويظهر فيه ورفاقه وهم يستعدون لتفجير مبان، وهو تسجيل احتفظ الفريق بصورة له قبل أن يحذف، والثاني نشره في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني بعد نحو شهر من وقف إطلاق النار يوثق تفجير منازل وبنى تحتية خلف الخط الأصفر.
ولا تقتصر منشورات يشاي على المقطعين، فبين أكتوبر 2023 وفبراير 2025 نشر فيديوهات وقصصًا توثق نمطًا متكررًا من عمليات التفجير، بينها تفجير ليلي في مطلع نوفمبر الماضي، ثم عاد ووثق نتائج جميع التفجيرات في مقطع لاحق، أبرز حجم الدمار في نطاق عمل الكتيبة.
وفي مقطع مطلع نوفمبر أيضًا، يظهر أفراد وحدته أثناء توجههم لتنفيذ عملية تفجير وتدمير خلف الخط الأصفر، لكن من شركاء في جرائمه.
شركاء يشاي في الكتيبة الهندسية 7810
تظهر تسجيلات يشاي مجموعة جنود حاولوا الظهور في صورة سياح ومغامرين وموظفين مدنيين، لكن مقاطع يشاي تكشف دورهم في نسف منازل بعد وقف إطلاق النار خلف الخط الأصفر.
بين هؤلاء ميخائيل داغان بالبحث في حسابات عائلته على فيسبوك، عثر فريق التلفزيون العربي على منشور لشقيقه يهنئ فيه ميخائيل بترقيته إلى رائد، ما يؤكد دوره القيادي في الكتيبة 7810.
حساب ميخائيل داغان
ويظهر أيضًا جندي آخر في أحد المقاطع الموثقة، تمكن التلفزيون العربي من تحديده واسمه حاييم حبشوش في ملفه الشخصي على إنستغرام، لا يشير مباشرة إلى خدمته العسكرية أو مشاركته في الحرب، بل يقدم نفسه مرشدًا ومغامرًا سياحيًا.
لكن يشاي نشر مقاطع مشتركة لهما داخل غزة بالزي العسكري وشعارات الكتيبة 7810 ما يكشف حقيقة حبشوش كعسكري في إحدى أكثر الوحدات نشاطا في نسف البيوت.
ويظهر مع يشاي أيضًا جندي ثالث هو بوعاز غرين، حدد التلفزيون العربي هويته باستخدام أداة التعرف على الوجوه، وبتتبع حساباته الشخصية على مواقع التواصل، حيث يذكر أنه يقيم في مدينة فانكوفر الكندية، ما يرجح أنه مزدوج الجنسية أو حائز على إقامة طويلة في كندا.
دور غرين لا يقتصر على العمل الميداني، بل سخر حسابه على فيسبوك لخدمة الدعاية الإسرائيلية. أحد منشوراته مثلًا، هاجم صحيفة “نيويورك تايمز” ومنظمة الأمم المتحدة لتوثيقها المجاعة في غزة، كما حرض على منع المساعدات الإنسانية عن القطاع.
وفي الذكرى الثانية لهجوم السابع من أكتوبر، سخر منشور لغرين من الدمار في القطاع، وكتب “يوم نكبة سعيد لجيراننا الفلسطينيين في كل عام في هذا اليوم، في السابع من أكتوبر، ستتذكر لا تعبث مع إسرائيل”.
وفي 28 يناير 2024 يظهر يشاي ورفاقه في مقطع يحيون فيه ذكرى رقيب أول اسمه دفير إيمانويلوف، الذي قتل في 2009 خلال عملية الرصاص المصبوب، وذلك بنسف منازل مدنيين فلسطينيين وتوثيق التفجير.
أرفق يشاي المقطع بتعليق قال فيه استعادة شرف إسرائيل المهمة التي بدأها دفير بالرصاص المصبوب، استمرت معنا حتى السيوف الحديدية.
توقفت المعارك، لكن إسرائيل ترسم واقعًا جديدًا باسم اتفاق وقف إطلاق النار تحديدًا، ليتحول الخط الأصفر لا إلى خط حدود جديد في القطاع فحسب، كما قال قائد أركان جيش الاحتلال، وإنما أيضًا إلى منصة ينسف منها ما ظل صامدًا من عمران في غزة، عله يحولها إلى أرض يباب.



