أبعاد

غزة ترمم ذاكرتها.. تأهيل قصر الباشا التاريخي بعد أن دمّرته الحرب

يُحاول الغزيّون استعادة ملامح القطاع بعد الحرب الإسرائيلية المدمّرة، حيث يقوم عمّال فلسطينيون مستعينين بأيديهم وبأوعية بلاستيكية على إزالة الرمال وبقايا الجصّ المتفتّت داخل قصر الباشا التاريخي في مدينة غزة، الذي تضرّر إلى حدّ كبير خلال العامين المنصرمين بفعل القصف الإسرائيلي.

وفيما تحلق طائرة استطلاع إسرائيلية فوق القصر، يعمل العمال على إزالة الركام من محيط متحف القصر الذي يقال إنّه استضاف يومًا نابوليون بونابرت خلال ليلة امضاها في غزة، مكدّسين الحجارة القابلة لإعادة الاستخدام في كومة، والركام الذي لا يصلح لذلك في كومة أخرى.

أعمال الترميم في قصر الباشا التاريخي في غزة- وفا

ويقول الخبير في التراث الثقافي والمشرف على أعمال الترميم حمودة الدحدار لوكالة فرانس برس: “يُعدّ متحف قصر الباشا من أبرز المواقع التي دُمّرت خلال الحرب الأخيرة على مدينة غزة”، مشيرًا إلى أنّ أكثر من 70% من مباني القصر دُمّرت.

ذاكرة وهوية الشعب الفلسطيني

ويؤكد الدحدار “إن التراث الثقافي الفلسطيني هو هوية وذاكرة الشعب الفلسطيني”. ويضيف: “قبل الحرب، كان قصر الباشا يضمّ أكثر من 17 ألف قطعة أثرية، لكن اختفت جميعها بعد اجتياح (الجيش الإسرائيلي) البلدة القديمة” خلال الصيف الماضي، مشيرًا إلى أنّ فريقه تمكّن من استعادة 20 قطعة أثرية تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية المختلفة.

وتعود جذور تاريخ غزة إلى آلاف السنين، ما يجعل القطاع الفلسطينية مركزًا ثمينًا لآثار حضارات متعاقبة بينها الكنعانية والمصرية والفارسية واليونانية.

ويقول الدحدار :”نقوم بإنقاذ الحجارة الأثرية استعدادًا لأعمال الترميم المستقبلية، بالإضافة إلى إنقاذ واستخراج أي قطع أثرية كانت معروضة داخل القصر”. ويضيف: “نحن لا نتحدّث عن مبنى قديم فحسب، بل عن مجموعة من الأبنية التي تعود إلى عصور مختلفة”. 

أزمة مواد أولية

ويقول عصام جحا، مدير مركز حفظ التراث الثقافي، وهي منظمة غير ربحية مرتبطة بشكل غير مباشر بوزارة الآثار التابعة للسلطة الفلسطينية، ومقرّها في بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة ومسؤولة عن ترميم القصر، إنّ المشكلة الرئيسية تكمن في إدخال المواد إلى غزة.

ويشرح إنه “لم تعد هناك مواد، ونضطر للتعامل مع ما تبقّى من الأنقاض، وجمع الحجارة وفرزها، مع تدخّل محدود جدًا لتدعيم الموقع”. 

فخلال عامي الحرب، أطبقت إسرائيل حصارها على قطاع غزة، ما تسبّب بأزمة إنسانية كارثية ونقص في المواد الغذائية والأساسية. وقد بدأت شاحنات المساعدات بالتدفّق بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أميركيّة حيز التنفيذ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكنّ جميع المواد التي تدخل القطاع تخضع لتدقيق أمني إسرائيلي صارم.

ويقول جحا إنّ وقف إطلاق النار أتاح للعمال استئناف أعمال التنقيب، موضحًا أنّه “قبل ذلك، كان العمل خطرًا للغاية، إذ كان الناس مُهدّدين بالطائرات المسيّرة التي كانت تمسح المكان وتطلق النار”.

تضرر 114 موقعًا أثريًا في غزة

وقد وثّقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أضرارًا في 114 موقعًا منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى أكتوبر/ تشرين الأول 2025. 

وبالإضافة إلى قصر الباشا التاريخي، تضرّر دير القديس هيلاريون، أحد أقدم الأديرة في الشرق الأوسط، والجامع العمري الكبير في مدينة غزة.

وبحسب جحا، فإنّ ما لا يقل عن 226 موقعًا تراثيًا وثقافيًا تضرّرت خلال الحرب، وهو رقم أعلى من تقديرات “اليونسكو” لأنّ فرقه في غزة تمكّنت من الوصول إلى مواقع إضافية.

y.m jvll `h;vjih>> jHidg rwv hgfhah hgjhvdod fu] Hk ]lRvji hgpvf

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم ارزقني اليقين والإيمان الكامل بك