بينها 3 في الشرق الأوسط.. 9 من أقدم الهياكل في التاريخ

خلال العصر الحجري الحديث، الذي امتدّ من نحو عام 9000 إلى 3000 قبل الميلاد، بدا العالم مختلفًا تمامًا، إذ شهد ولادة الحضارة في جميع جوانبها: عمارتها، ومجتمعاتها، وروحها.
فمع التطوّر التدريجي للزراعة، بدأت المجتمعات البدوية بالاستقرار، وحلّت محل المعسكرات المؤقتة منازل ومبانٍ دائمة منحوتة في الصخر ومبنية من أحجار ضخمة، مُشكِّلةً بعضًا من أقدم الهياكل في العالم.
ونحت هؤلاء القدماء مخاوفهم وآمالهم وأحلامهم في الصخر، تاركين وراءهم نقوشًا غامضة يصعب فكّ رموزها، ونقوشًا حيوانية بالغة الوضوح.
وأقاموا أول صخورٍ ضخمة في العالم، كانت تحرس الاحتفالات الدينية ومراسم الدفن.
كما بنى هؤلاء منازل، ومتاهات على شكل أقراص العسل، ومعابد مفتوحة، ومقابر تحت الأرض، ومنصّات شاهقة للاحتفالات والقرابين.
ما هي أقدم الهياكل في العالم؟
شهد العصر الحجري الحديث بداية العمارة كما نعرفها، وبقاء أيّ من آثاره حتى اليوم دليل على عبقرية عصرٍ غابر.
وبينما تختلف هذه الهياكل باختلاف الشعوب التي شيّدتها، فقد امتدّت في جميع أنحاء العالم، من فلسطين وتركيا ومالطا إلى فرنسا.
1- معابد مالطا.. أقدم المباني الحجرية المستقلة على وجه الأرض
يعود تاريخ معابد مالطا المغليثية إلى ما بين 3500 و2500 قبل الميلاد، وهي من أقدم الهياكل في العالم. وكما يُوحي اسمها، فهي مجموعة من المعابد الحجرية أقدم من ستونهنغ والأهرامات المصرية. وقد حُفظت بشكل ممتاز، وأُعيد اكتشافها وترميمها في القرن التاسع عشر على يد علماء آثار أوروبيين ومالطيين أصليين.
ورغم قلّة المعلومات حول من بنى هذه المعابد، فإنّ الأدلة من داخلها، على غرار تضحيات الماشية، تُشير إلى أنّ المزارعين المحليين هم من شيّدوها.
وتنتشر في المنطقة العديد من المعابد، والعديد منها مدرج على قائمة “اليونسكو” للتراث العالمي، إلا أنّ أهمها على الإطلاق هو مجمع المعابد المزدوج في غانتيجا.
عمر مجمع المعابد المزدوج في غانتيجا 5500 سنة- غيتي
وفقًا لـ”اليونسكو”، تُعدّ معابد مالطا المغليثية من أقدم المباني الحجرية المستقلة على وجه الأرض. ويُعتقد أن المالطيين القدماء أعطوا الأولوية للبراعة المعمارية والإبداع الفني، اللذين تتكاملان بطبيعتهما في هذه الهياكل.
من حيث ابتكاراتها المعاصرة، تُظهر المعابد أدلة على أساليب بناء وتصميم سبقت عصرها بكثير، إذ لم تكن الواجهات المقعّرة التي تسبقها ساحات أمامية بيضاوية الشكل، وعلامات الأسقف المقوّسة، من السمات التقليدية خلال الألفية الثالثة.
واستخدم بناة هذه المعابد أحجارًا محلية، وتحديدًا الحجر الجيري المرجاني للواجهات الخارجية، والحجر الجيري الغلوبيجيرينا الأكثر مرونة للعناصر الزخرفية الداخلية. ويدلّ استخدام هذا النوع من الحجر على موهبة فنية وحرفية فائقة.
تُزيّن ثقوب محفورة العديد من الألواح الداخلية، بالإضافة إلى زخارف لأشجار ونباتات وحيوانات وزخارف حلزونية. كما تُشير القطع الأثرية المُكتشفة داخل المعابد، بالإضافة إلى تخطيطها وتصميمها المُحكم، إلى أنّها كانت أماكن مهمّة ذات أهمية ونشاط روحي مُحتمل.
2- ناب أوف هوار باسكتلندا.. أقدم منزل حجري محفوظ في شمال أوروبا
يقع موقع “ناب أوف هوار” في جزيرة بابا ويستراي الاسكتلندية، ويضمّ مزرعة من العصر الحجري الحديث يعود تاريخها إلى عام 3500 قبل الميلاد. تتكوّن المزرعة من مبنيين متجاورين، مستطيلي الشكل، سميكي الجدران، بأبواب منخفضة للغاية. ويُعتقد أنّها أقدم منزل حجري محفوظ في شمال أوروبا.
وفقًا لموقع “Historic Environment”، فإن مبنيَي “ناب أوف هوار” معاصران لمقابر أوركني في البلاد نفسها. وهما ليسا من أقدم مستوطنات العصر الحجري الحديث في هذا الجزء من القارة فحسب، بل هما الأفضل حفظًا والأكثر وضوحًا في العصر الحجري الحديث.
والمبنيان يُجاوران بعضهما البعض، وهما مستطيلا الشكل، بينما الهيكل الأول أكبر من الثاني. ولا يزال المدخلان إليهما سليمين. ويبلغ ارتفاع كلٍّ منهما نحو 5.25 أقدام، ويربط بينهما ممر قصير.
ناب أوف هوار في اسكتلندا هو أقدم منزل قائم في أوروبا الغربية- غيتي
وكشفت الحفريات في الموقع الأثري عن أدوات حجرية، مثل المطاحن والمثاقب، والتي عُثر عليها أيضًا في مواقع أخرى في أوركني، وتعود لمستوطنات لاحقة. كما عُثر على أدلة على اقتصاد يعتمد جزئيًا على الزراعة، مثل إنتاج القمح والشعير، وتدجين الحيوانات.
ومن المرجح أنّ “ناب أوف هوار” كان يُستخدم لممارسة طقوس احتفالية، كما يتضح من اكتشاف قرن ورأس هراوة مصنوعة من عظم الحوت.
3- نيوغرانغ بأيرلندا.. أقدم المباني على وجه الأرض
يقع مبنى نيوغرانغ في شرق إيرلندا، ويعتقد الكثيرون أنّ هذا البناء موقع ديني ذو جذور تمتد لخمسة آلاف عام. وبينما يكتنف الغموض غرض المبنى، يعتقد كثيرون أنّ وظائفه كانت دينية في المقام الأول، نظرًا لأن أشعة الشمس المشرقة تغمر داخله خلال الانقلاب الشتوي.
ووفقًا لـ”هيئة التراث العالمي في أيرلندا”، يبلغ قطر المبنى التاريخي حوالي 262 قدمًا، ويُحيط به 97 حجرًا، أبرزها حجر المدخل، الذي تلفت عناصره الزخرفية الأنظار فورًا.
ويُقدَّر وزن الجزء العلوي المُسطّح من الركام الحجري بنحو 200 ألف طن، وهو مصنوع من أحجار مدحرجة بالماء من نهر بوين، وتبلغ مساحته حوالي نصف هكتار. ويُعدّ إنجازًا معماريًا باهرًا في عصره. وقد أظهرت الحفريات استخدام كل من الكوارتز الأبيض وصخور الغرانيت المستديرة في بناء الجدار الواقي على الجانب الأمامي من الركام.
نيوغرانغ هو موقع ديني ذو جذور تمتد لخمسة آلاف عام- غيتي
ويُغطّي الركام الحجري قبرًا واحدًا، ويتألف من ممر طويل وضيّق وغرفة واحدة على شكل صليب. وهذه الغرفة مغطاة بسقف مقوّس تتراكب عليه طبقات من الصخور الكبيرة، وحجر تاج يرتفع 19 قدمًا عن الأرض. ورغم مرور خمسة آلاف عام على بنائه، لا يزال السقف مقاومًا للماء.
وفي دليل مباشر على البراعة والمهارة الفنية، يُعدّ الحجر الثاني والخمسون المحيط بالمبنى، بالإضافة إلى حجر المدخل، من أروع المنحوتات التي عُثر عليها في فن العصر الحجري الحديث الأوروبي. أمّا التصميم الثلاثي اللولبي داخل الغرفة، فهو بحد ذاته ذو شهرة عالمية.
4- مقبرة “هولبيرغ جيتستو” بالدنمارك.. أقدم الأدلة في العالم على طب الأسنان
يعود تاريخ مقبرة “هولبيرغ جيتستو” إلى عام 3000 قبل الميلاد. عند اكتشافها، عُثر بداخلها على 40 جثة، إحداها تُظهر نماذج مبكرة لطب الأسنان.
وفقًا لـ”وكالة التراث الدنماركية”، عُثر في مقبرة “هولبيرغ جيتستو” على جثث ضحايا في فترات زمنية مختلفة خلال العصر الحجري الحديث. وكان معظمهم أطفالًا وبالغين من الأيام الأولى لحضارة “فانل بيكر” التي بلغت ذروتها قبل نحو 4800 إلى 6000 عام.
ويعتقد الباحثون أنّ هذا من أقدم الأدلة في العالم على طب الأسنان، حيث يُرجَّح استخدام مثقاب صوّان مكشوف للوصول إلى الخرّاجات وثقبها أثناء عمليات قناة الجذر.
يعود تاريخ مقبرة “هولبيرغ جيتستو” إلى عام 3000 قبل الميلاد- allthatsinteresting
وتُعرض إحدى الجماجم المكتشفة بشكل دائم في متحف لانغلاند بالدنمارك.
بالإضافة إلى الجماجم والعظام التي وُجدت داخل حجرة الدفن، عثر الباحثون على العديد من الفؤوس الحادة والأزاميل المصنوعة من الصوّان، فضلًا عن الخناجر ورؤوس الأسهم، والخرز الكهرماني المزخرف والسيراميك.
5- مونتي داكودي بإيطاليا.. الانتقال من العصر الحجري الحديث إلى النحاسي
مونتي داكودي (Monte d’Accoddi) هو موقع أثري في سردينيا الإيطالية. ويعتقد علماء الآثار أنّه شُيّد بين عامي 2700 و2000 قبل الميلاد.
اكتُشف عام 1954، ويُرجّح أنّه كان يضمّ مذبحًا أو معبدًا أو هرمًا مدرّجًا.
ووفقًا لماريا غراتسيا ميليس من قسم العلوم الإنسانية والآثار في جامعة ساساري، فإنّ مونتي داكودي يعرض أهم الأمثلة على التقاليد والابتكار خلال انتقال الثقافة المعاصرة من العصر الحجري الحديث إلى العصر النحاسي.
ورغم أن التقديرات الزمنية السابقة وضعت تاريخ هذا الضريح بين عامي 2700 و2000 قبل الميلاد، فإن ميليس ترى أن نتائج التأريخ بالكربون المشع سمحت للمجتمع العلمي بترجيح أن البناء شُيّد بين عامي 4000 و3000 قبل الميلاد.
مونتي داكودي هو موقع أثري في سردينيا الإيطالية- غيتي
وتوصّلت دراسة قامت بها ميليس إلى أنّ استيطان المنطقة سبق اكتمال بناء الموقع بوقت طويل، وأنّ الضريح استُخدم بانتظام طوال العصر النحاسي. وقد دعمت هذه النظرية نتائج تأريخ الكربون المشعّ للقطع الأثرية الخزفية التي اكتُشفت سابقًا في الموقع.
من أبرز الاكتشافات مجموعة من 35 قطعة فخارية وحافة مزخرفة لمزهرية حجرية. كما تضمّنت القطع مقابض وقواعد وحواف وجوانب مزهريات متنوعة ذات أعناق أسطوانية قصيرة وطويلة.
6- تشاتال هويوك بتركيا.. أقدم دليل على التعاون المجتمعي العميق
يعود تاريخ هذه المجموعة من المنازل القديمة المعروفة باسم “تشاتال هويوك” إلى عام 7400 قبل الميلاد. ورغم أنّ الهدف من كل غرفة عُثر عليها في المجمع لا يزال محلّ جدل، فإنّ علماء الآثار متأكدون نسبيًا من أنّ جميعها كانت مبانٍ سكنية، أي أنّ كل ركن فيها كان عبارة عن منزل.
ويؤشر غياب الشوارع أو الطرق التي تفصل بين المساكن إلى أنّ السكان عاشوا على مقربة من بعضهم البعض، في دليل على مجتمع تعاوني عميق.
كما عُثر على جثث مدفونة تحت المواقد والأسرّة، ما يُشير إلى أن سكان تشاتال هويوك كانوا يُبجّلون موتاهم ويُبقونهم على مقربة منهم.
يعود تاريخ “تشاتال هويوك” إلى عام 7400 قبل الميلاد- غيتي
وفقًا لليونسكو، تبلغ مساحة هذا الموقع المُدرج في قائمة التراث العالمي 47 هكتارًا، ويتألف من تلّتين على هضبة جنوب الأناضول. وتحتوي التلة الأطول في الجانب الشرقي على لوحات جدارية ومنحوتات ونقوش بارزة، بالإضافة إلى شواهد أخرى على استيطان العصر الحجري الحديث.
تُعدّ تشاتال هويوك مثالًا بارزًا على الفترة الانتقالية بين القرى المستقرّة وتحضّر المدن الأكثر تعقيدًا التي توحّدت لاحقًا. ويُعدّ تصميم الموقع الخالي من الشوارع، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى أسطح المباني، دليلًا قويًا على هذه المرحلة.
7- سور أريحا بالضفة الغربية.. أقدم الأسوار الدفاعية التي تم اكتشافها
يعود تاريخ سور أريحا الأصلي إلى 8000 قبل الميلاد، عندما أتاحت نهاية العصر الجليدي للبدو المهاجرين الاستقرار هناك بشكل دائم. ويعتقد علماء الآثار أنّ البناء صُمّم في المقام الأول لحماية المدينة الناشئة التي يبلغ عدد سكانها 2000 نسمة من مياه الفيضانات. ويُعتبر من أقدم الأسوار الدفاعية التي تم اكتشافها على الإطلاق.
تزيد سماكة الأسوار على 6 أقدام، ويبلغ ارتفاعها 15 قدمًا. أمّا البرج الحجري فيبلغ ارتفاعه 28 قدمًا، بسماكة 6 أقدام، ويحتوي على درج داخلي يؤدي إلى قمته. ويُعتبر أعلى برج تم اكتشافه في العالم حتى يومنا هذا.
يعود تاريخ سور أريحا الأصلي إلى 8000 قبل الميلاد- غيتي
اكتشفه علماء الآثار لأول مرة عام 1952، وقُدِّر عمره آنذاك بأكثر من 11 ألف عام. وباستخدام تقنيات حاسوبية متقدّمة، وجد العلماء أدلة على أنّه استُخدم على الأرجح لإحياء ذكرى الانقلاب الصيفي وحثّ الناس على ترك حياتهم البدوية والاستقرار في المنطقة.
8- غوبكلي تبه بتركيا.. أقدم النصب الصخرية في العالم
غوبكلي تبه ومعناها بالتركية “تلة البطن”، يضمّ بعض أقدم النصب الصخرية في العالم، وهي هياكل صخرية عملاقة متصلة من دون استخدام الخرسانة أو الملاط. تتشكّل على شكل حرف “T” من الحجارة الضخمة انطلاقًا من نقطة مركزية، مدفونة عميقًا في تجاويف نحتها سكان الموقع القدماء في الصخر حوالي عام 9000 قبل الميلاد.
أحجاره مزخرفة برسوم توضيحية غامضة ونقوش حيوانية، مع تركيز خاص على النسور.
اكتشف علماء الآثار من جامعة شيكاغو وجامعة إسطنبول هذا المبنى في ستينيات القرن العشرين، واعتُبر مقبرة من العصور الوسطى مهجورة منذ زمن طويل.
بُني “غوبكلي تبه” حوالي عام 9000 قبل الميلاد- غيتي
وفقًا لمؤسسة “سميثسونيان”، أجرى عالم الآثار الألماني كلاوس شميدت بحثًا أثريًا خاصًا به عام 1994، وخصّص وقتًا لتقييم الموقع بدقة لأول مرة في التاريخ المدوَّن.
تم الكشف عن أربعة منشآت من هذا النوع حتى الآن، تتراوح أقطارها بين 10 و30 مترًا. كما بيّنت عمليات المسح الجيوفيزيائي المنفّذة في الموقع وجود 16 منشأة أخرى من هذا النوع لم يتم التنقيب عنها بعد.
لا أحد يعرف ما الهدف من إنشاء هذا البناء، ولكن الاكتشاف الأخير لجماجم تحتوي على ثقوب غامضة يُشير، بالنسبة لبعض الباحثين، إلى أنّ المعبد استُخدم لوظيفة دينية.
9- كيرن بارنينيز بفرنسا.. أقدم الأمثلة الباقية على فن وعمارة العصر الحجري الحديث
يعود تاريخ كيرن بارنينيز إلى عام 4800 قبل الميلاد، وهو من أقدم الأمثلة الباقية على فن وعمارة العصر الحجري الحديث.
وكاد هذا الموقع أن ينقرض، إذ استُخدم في خمسينيات القرن الماضي كمحجر لأحجار الرصف. ولحسن الحظ، اكتُشفت الغرف الخفية في التلة في اللحظة الأخيرة.
في هذا الموقع، تصطف 11 غرفة على جانبي قبر الممر، الذي سُمي بهذا الاسم نسبةً إلى الممر الطويل الوحيد الذي يشق التل.
واكتشف علماء الآثار في هذه الغرف بعضًا من أروع نماذج الفن الصخري الضخم، من رسومات حجرية لأقواس وفؤوس وثعابين، بالإضافة إلى العديد من الرموز المتكررة التي يصعب فكّ رموزها، وفؤوس وصوّان ورؤوس سهام.
وفقًا لموقع “الموسوعة”، تمّ بناء الركام الحجري على عدّة مراحل متفرقة.
ويطلّ هذا البناء على مدخل مورليه في بلويزوك، ويتّخذ شكل شبه منحرف، حيث تتوازى جميع الممرات الـ11.
زُيّنت العديد من الأعمدة داخل الغرف والممرات بنقوش تُصوّر فؤوسًا وأقواسًا وآلهة وقرونًا. ومن المثير للاهتمام أنّ الأحجار التي تحتوي على هذه النقوش استُخدمت أولًا في أماكن أخرى، ووُضعت بشكل مستقيم، قبل نقلها واستخدامها في كيرن بارنينيز.
من مالطا إلى أريحا وغوبكلي تبه، تكشف هذه المواقع أن الإنسان الأول لم يكن مجرّد كائن يسعى إلى البقاء، بل كان يبني ذاكرته الجماعية في الحجر، ويرسم عبر العمارة علاقته بالموت وبالمقدَّس وبالمجتمع. ورغم تباعد الجغرافيا واختلاف الثقافات، تبدو هذه الهياكل التسعة وكأنّها شواهد متفرّقة على قصة واحدة: قصة بداية المدن، وبدايات الأسئلة الكبرى حول الحياة والكون والمعنى، وهي أسئلة ما زلنا نطرحها حتى اليوم، وإن تغيّرت أدواتنا ولغتنا وموادّ البناء.


