أبعاد

من الطاقة إلى النقل.. تعرّف إلى أهم 6 مشاريع عربية مشتركة

النزوح نحو الدولة القومية ليس توجهًا مقتصرًا على الدول العربية الحديثة فحسب، بل هو توجه عالمي بدأ قبل وقتٍ طويل، وعزّزته الحروب بشكل كبير، كما تعزّزه بدرجة أكبر الأزماتُ والكوارث.

فقد شهدنا مثلًا خلال فترة انتشار فيروس كوفيد-19 كيف بدأت بعض الدول تتصرف بشكلٍ غير أخلاقي عبر الاستيلاء على البضائع الطبية ومستلزمات التعقيم. كما عزّزت هذه التوجهات صعود اليمين المتطرّف في الدول الغربية، وانتقاله تدريجيًا إلى جماعاتٍ تتبنّى فكرة “نحن مقابل هم”.

وبعيدًا عن الجدل حول مفهوم القومية وأبعادها المتعلّقة بتعزيز الشعور بالانتماء أو اعتبارها سياسة إقصائية للآخرين، فإننا نحاول هنا استذكار ما هو عابر للقوميات بين الدول العربية، إذ كان التعاون الاقتصادي العربي ولا يزال ذا طابع تشاركي وطموح.

قد يظنّ البعض أن الخوض في هذا الموضوع، أي المشاريع العربية المشتركة، هو محاولة للبحث عن تعاون فوق قومي في ظلّ الانغلاق القومي الذي يشهده العالم العربي في هذه الأيام.

ورغم الملاحظات المتعلقة بها، لا تزال الجامعة العربية إحدى ركائز التعاون العربي المهمة، إذ تضم عددًا واسعًا من المؤسسات التي تعمل في نطاق فوق قومي، بما يساعد على الحفاظ على الطابع التعاوني بين الدول العربية.

وفي الجانب الاقتصادي يتجلّى التعاون العربي بشكل أوضح؛ إذ يمكن ذكر عدد من المشاريع الكبرى التي ترسم ملامح هذا التعاون في العالم العربي المعاصر.

1. منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA)

تُعدّ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى إحدى أبرز المبادرات الاقتصادية الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وقد جاءت تتويجًا لجهود استمرت عقودًا نحو تحرير التجارة البينية.

بدأ التطبيق التدريجي لهذه المنطقة عام 1998، وبحلول عام 2005 تم إلغاء جميع الرسوم الجمركية والضرائب المماثلة بالكامل بين الدول الأعضاء.

وتضم المنطقة حاليًا أغلبية الدول العربية؛ إذ انضمت إليها في البداية أربع عشرة دولة، هي: الأردن، والإمارات، والبحرين، وتونس، والسعودية، وسوريا، والعراق، وعُمان، وقطر، والكويت، ولبنان، وليبيا، ومصر، والمغرب. ولاحقًا، انضمت دول أخرى، بينما لا تزال الصومال وجيبوتي وجزر القمر وموريتانيا خارج الاتفاقية.[1]

وتهدف الاتفاقية أساسًا إلى تحرير تجارة السلع عبر إزالة أو خفض التعريفات الجمركية والحد من تطبيق الإجراءات غير الجمركية، مع منح واردات السلع بين الدول الأعضاء المعاملة نفسها التي تُمنح للمنتجات الوطنية. وقد مثّل إطلاقها الكامل عام 2005 محطةً مهمة في مسيرة تحرير التجارة العربية.

وتُعد “غافتا” خطوة متقدمة في مسار التعاون العربي، لكنها تبقى واحدة من درجات سلّم طويل؛ إذ كانت الخطوة التالية المرسومة هي الاتحاد الجمركي العربي الذي أقرّته قمة الكويت عام 2009 [2]، ومن المتوقّع أن يكون لتطبيقه انعكاسات إيجابية مهمة على الاقتصادات العربية، من خلال توحيد الرسوم الجمركية تجاه الخارج، بما يمنح الدول العربية قوة تفاوضية واقتصادية أكبر على الساحة الدولية.

2. مشروع الربط الكهربائي

يُعد قطاع الطاقة أحد أهم قطاعات الاقتصاد العربي، بل إن بعض الدول العربية تقوم اقتصاداتها على الطاقة بشكل شبه كامل، مما يخلق فرص تعاون واسعة في هذا القطاع، لا سيما في مجال الكهرباء. فربط شبكات الكهرباء العربية يعزّز أمن الطاقة، ويحدّ من التداخلات الخارجية، ويرفع من مناعة الدول العربية ذات البُنى الكهربائية الضعيفة. ومن أبرز هذه المشاريع:

أولًا: الربط الثماني (EIJLLPST)

يربط هذا المشروع ثماني دول عربية: مصر، والأردن، وسوريا، وليبيا، ولبنان، وفلسطين، والعراق، وصولًا إلى تركيا (كدولة غير عربية مرتبطة بالمشروع).

وقد تم تشغيل خط الربط المصري – الليبي على التوتر 220 ك.ف عام 1998 بقدرة تقارب 170 ميغاوات. ويُعد هذا الربط خطوة أساسية نحو تكامل شبكات الطاقة في المشرق العربي[3]، وهو مشروع، لو اكتمل، لأمكنه معالجة أزمات اقتصادية كبرى في لبنان وسوريا، مثل أزمة الدين العام والتعثّر الاقتصادي، إضافة إلى توفير فرصة نهوض للمناطق الفلسطينية فيما لو سمحت الظروف السياسية باستفادتها منه.

ولعل مشروع “الشام الجديد”، الذي طُرح في الأردن عام 2020، جاء امتدادًا لهذا المسار؛ إذ يستهدف تعاونًا اقتصاديًا بين مصر والعراق والأردن في مجالي الكهرباء والنفط، مع إمكانية ضم دول أخرى لاحقًا [4].

ثانيًا: الربط الخليجي

الربط الخليجي هو مشروع لربط شبكات الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد نُفّذ على ثلاث مراحل:

  • المرحلة الأولى: ربطت محطة الزور في الكويت بمحطات الفاضلي وغونان وسلوى في السعودية، ومحطة الجسرة في البحرين، ومحطة الدوحة الجنوبية في دولة قطر، على توتر 400 ك.ف.

  • المرحلة الثانية: ربطت شبكات الإمارات وعُمان، واكتملت أعمالها عام 2012.

  • المرحلة الثالثة: ربطت الجزء الشمالي بالجزء الجنوبي، واكتملت منتصف عام 2014 ودخل المشروع الخدمة الفعلية.

بلغت التكلفة الإجمالية لمشروع الربط الكهربائي الخليجي نحو 1.1 مليار دولار – غيتي

وبلغت التكلفة الإجمالية لمشروع الربط الخليجي نحو 1.1 مليار دولار، من أصل 2 مليار دولار هي قيمة مشاريع الربط الكهربائي المنجزة خلال العقدين الأخيرين. ومن المتوقّع استكمال المشروع عبر ربط العراق بالشبكة الخليجية، وهو ما من شأنه أن يخفّف اعتماد بغداد على كهرباء إيران، رغم المقاومة السياسية الداخلية والخارجية لهذه الخطوة.

ثالثًا: مشروع الربط المغاربي

يهدف المشروع إلى ربط الشبكات الكهربائية بين دول المغرب العربي، ويشمل:

  • ربط الشبكة الليبية بالشبكة التونسية على توتر 220 ك.ف.

  • ربط الشبكة التونسية بالشبكة الجزائرية على توتر 400 ك.ف.

  • ربط الشبكة الجزائرية بالشبكة المغربية على التوتر نفسه.

تم إنجاز الربط الليبي – التونسي وتشغيله نهاية عام 2005، كما اكتملت أعمال الربط التونسي – الجزائري على 400 ك.ف، ويُشغَّل مؤقتًا على 220 ك.ف لأسباب فنية.

أما الربط الجزائري – المغربي، فعلى الرغم من التوترات السياسية، فقد شهد تطورًا مهمًا؛ إذ إضافةً إلى الربط القائم على 220 ك.ف، جرى ربط الشبكتين على 400 ك.ف بخط هوائي مزدوج الدارة بقدرة تبلغ نحو 900 ميغاوات[5]، ودخل الخط الخدمة عام 2009. وتبلغ التكلفة الإجمالية لمشروع ربط دول المغرب العربي نحو 196 مليون دولار.

3. خط الغاز العربي

يُعد خط الغاز العربي مشروعًا استراتيجيًا حيويًا لنقل الغاز الطبيعي عبر الأنابيب، ويُتوقع أن يشكّل العمود الفقري لشبكة الغاز العربية مستقبلًا. ويمثل هذا المشروع نموذجًا بارزًا للتعاون الإقليمي في مجال أمن الطاقة والتنمية، حيث تستفيد الدول المشاركة من الموارد الطبيعية المشتركة لتحقيق منافع متبادلة.

يتكون المشروع من ثلاث مراحل رئيسية، أُنجزت اثنتان منها بشكل نهائي، بينما تعثّر العمل في المرحلة الثالثة ولم تكتمل بعد.

وشملت المرحلة الأولى إنشاء خط من مدينة العريش المصرية إلى مدينة طابا، ثم إلى محطة توليد العقبة في المملكة الأردنية الهاشمية. يبلغ طول هذا الخط حوالي 265 كيلومترًا، وقطره 36 بوصة، وبلغت تكلفته نحو 280 مليون دولار أميركي. وقد ساهم في تمويل هذه المرحلة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بقرض قيمته 17 مليون دينار كويتي (نحو 55 مليون دولار)، بالإضافة إلى الصندوق الكويتي وحكومة جمهورية مصر العربية. اكتمل تنفيذ هذه المرحلة عام 2004، ومنذ ذلك الحين تُزوَّد محطة العقبة الحرارية بالغاز الطبيعي المصري.

يمثل مشروع خط الغاز العربي نموذجًا بارزًا للتعاون الإقليمي في مجال أمن الطاقة والتنمية – غيتي

أما المرحلة الثانية فقد شملت إنشاء شبكة غاز داخل الأراضي الأردنية، تمتد من محطة توليد العقبة إلى الحدود السورية، وذلك لتغذية محطات توليد السمرا والرحاب والمناخر. وقد قامت مجموعة من المستثمرين والبنوك المصرية والأردنية بتمويل هذه المرحلة، التي انتهت أعمالها في منتصف عام 2007.

وتتضمن المرحلة الثالثة إنشاء شبكة غاز داخل الأراضي السورية، تمتد من الحدود الأردنية – السورية إلى الحدود السورية – التركية، إضافة إلى خط فرعي يصل إلى لبنان. وتنقسم هذه المرحلة إلى أربعة أجزاء، وقد اكتملت أجزاء منها؛ إذ يصل الخط اليوم إلى دمشق وحمص، كما يصل إلى لبنان، مما يسمح بتدفق الغاز المصري من العريش إلى محطة دير علي على الحدود السورية – اللبنانية. ويتوقع استكمال المشروع لاحقًا ليمتد إلى داخل تركيا، وإلى السواحل السورية [6].

4. مشروع سكة حديد الخليج

في عام 2009، قرر مجلس التعاون الخليجي إنشاء مشروع سكة حديد تربط العواصم الخليجية وبعض المدن الأخرى [7]، خصوصًا على سواحل الخليج.

وتصل التكلفة التقديرية للمشروع إلى نحو 15 مليار دولار أميركي، ويوفر ما يصل إلى 80 ألف فرصة عمل، فضلًا عن دوره في تعزيز التجارة البينية وتنشيط السياحة الداخلية.

لم يدخل مشروع سكك الحديد حيز التشغيل الكامل بعد – غيتي

تشير المخططات إلى أن القطارات ستسير بسرعة تصل إلى 220 كلم/ساعة، بما يقلّص المسافات بين الدول الخليجية بشكل ملحوظ.

والمشروع حاليًا قيد الإنشاء، ولم يدخل حيز التشغيل الكامل بعد. وقد وافق المجلس الوزاري في ديسمبر/ كانون الأول 2023 على أن يكون التاريخ المستهدف للتشغيل الكامل للشبكة بين الدول الأعضاء هو ديسمبر/ كانون الأول 2030. ومع ذلك، يمكن تشغيل الربط بين أي دولتين متجاورتين فور انتهاء تنفيذ الجزء الخاص بهما.

5. مشروع الأمن الغذائي

تُعد مبادرة الأمن الغذائي العربي، التي أقرتها القمة العربية في الجزائر، برنامجًا استراتيجيًا شاملًا يهدف إلى مواجهة تحديات الأمن الغذائي في المنطقة، خاصة في ظل الأزمات الغذائية العالمية.

ولا تقتصر هذه المبادرة على مشروع واحد، بل تمثل نهجًا متكاملًا ومتعدد المستويات يهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليص الفجوة الغذائية في الوطن العربي.

وتضمّ المبادرة مشروعات على ثلاثة مستويات رئيسية:

المستوى الأول: يركّز على المشروعات الأساسية ذات الطابع التنموي والزراعي والاقتصادي والاجتماعي. وتشمل هذه المشروعات التوسع في استغلال الأراضي الصالحة للزراعة في المناطق المطرية، والارتقاء بمعدلات الإنتاجية في الزراعات القائمة، وتطوير نظم الريّ الحقلي لزيادة الإنتاجية في الزراعات المروية.

تستهدف المشاريع الخاصة بالأمن الغذائي إلى تحسين أوضاع الأمن الغذائي العربي المستدام – غيتي/ أرشيفية

المستوى الثاني: يشتمل على مكونات ذات طبيعة استثمارية يضطلع بها القطاع الخاص بشكل أساسي، سواء أكان قطريًا أم مشتركًا. ومن أهم المشروعات في هذا المستوى: إنتاج تقاوي الإكثار المحسّنة عالية الإنتاجية، وإنتاج الأسمدة الكيماوية والحيوية، وتصنيع واستخلاص الزيوت النباتية، وتصنيع السكر، وإنتاج المعدات والآليات الزراعية الحديثة، بالإضافة إلى مشروعات الاستزراع السمكي، وتربية وتسمين اللحوم، وصفقات الاستيراد المشتركة، وإنشاء الصوامع والمخازن الاستراتيجية.

المستوى الثالث: يتضمن مشروعات ذات صبغة داعمة ومعزّزة لتحسين أوضاع الأمن الغذائي العربي المستدام. وتتولى الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الدور الرئيسي في هذه المكونات، التي تشمل تقليل الفاقد والهدر في الغذاء، والتوجّه نحو أنماط استهلاك غذائي مستدام، والحد من مخاطر الجوائح والكوارث الطبيعية، والتخفيف والتكيّف مع المتغيرات المناخية وتأثيرها على الزراعة والأمن الغذائي.

وتقود المنظمة العربية للتنمية الزراعية (AOAD) جهودًا مكثّفة ضمن هذه المبادرة [8]، من خلال برامج ومشروعات تدعم التحول والتكيّف في النظم الزراعية والغذائية للقضاء على الجوع وتقليل الفقر. وتشمل هذه البرامج تبني ونشر التقنيات الزراعية الحديثة والذكية، وتقنيات تربية الأحياء المائية، والممارسات الزراعية الجيدة، والاقتصاد الدائري في القطاع الزراعي.

وتُعد هذه المبادرة من أهم مبادرات العالم العربي، إذ يُتوقَّع أن تستفيد منها الدول الفقيرة والغنية على حد سواء، كونها تستهدف إنتاج 63 مليون طن من الحبوب الغذائية والأعلاف، و15 مليون طن من البذور الزيتية، وأكثر من 73 مليون طن من المحاصيل السكرية. وفي حال نجاحها، ستضمن استقرارًا واسعًا في دول مثل السودان وموريتانيا والصومال، فضلًا عن مساهمتها في خفض الفجوة الغذائية في العالم العربي.

6. مشاريع الكابلات البحرية وشبكات الألياف الضوئية

تُعد مشاريع الكابلات البحرية وشبكات الألياف الضوئية استثمارًا حيويًا في البنية التحتية الرقمية، وتمثّل عصب التكامل الاقتصادي الحديث في المنطقة العربية. وتهدف هذه المشاريع إلى توفير اتصال آمن وعالي السعة ومنخفض الكمون، لدعم التحول الرقمي للشركات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.

ومن أبرز هذه المشاريع الكابل البحري “AAE-2” (Asia Africa Europe-2)، الذي يربط هونغ كونغ وسنغافورة بإيطاليا مرورًا بمصر وشبه الجزيرة العربية. ويهدف هذا الكابل إلى توفير سعات غير مسبوقة، وتعزيز ربط دولي سلس عالي الاعتمادية عبر القارات الثلاث، بما يواكب الطلب المتزايد على الخدمات السحابية ونقل المحتوى ومبادرات التحول الرقمي.

وتمتلك “المصرية للاتصالات” بنية تحتية متطورة في هذا المجال، تشمل مركز بيانات إقليميًا في القاهرة يرتبط بـ14 كابلًا بحريًا، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 18 كابلًا بحلول عام 2025، تمتد إلى أكثر من 140 نقطة إنزال في أكثر من 60 دولة حول العالم.

على الصعيد الوطني، تعمل عدة دول عربية على تطوير شبكاتها الداخلية من الألياف الضوئية، مثل مشروع “برق نت” في سوريا، الذي سيُربط مباشرة بالشبكة الوطنية “سيلك لينك” SilkLink عند إنجازها. وسيتيح ذلك تجربة إنترنت عالية السرعة، ويحوّل موقع البلاد الجغرافي إلى ممر استراتيجي لحركة البيانات بين آسيا وأوروبا، بما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار في مجال التكنولوجيا. كما تعمل المملكة العربية السعودية على مشروع الألياف البصرية ضمن برنامج التحول الوطني 2030، بهدف الوصول إلى تغطية تبلغ 88% في الأحياء عالية الكثافة السكانية في مدنها الرئيسة.

إن الاستثمار الكبير في هذه البنية التحتية الرقمية، سواء عبر كابلات بحرية عابرة للقارات أو شبكات ألياف ضوئية داخلية، يمثّل جهدًا عربيًا مشتركًا حاسمًا لبناء العمود الفقري للاقتصاد الرقمي المستقبلي. فهذا التحول نحو اتصال رقمي عالي السعة ومنخفض التردد يُعدّ ضروريًا لدعم التحول الرقمي، وخدمات الحوسبة السحابية، وحركة البيانات الدولية. ويؤكد ذلك أن المشاريع الحديثة اليوم تتجاوز البنى التحتية المادية التقليدية لتشمل شرايين رقمية غير مرئية، لكنها حيوية لتمكين التجارة والاتصالات والابتكار في المنطقة وعلى مستوى العالم.

وإضافة إلى هذه المشاريع، توجد مشروعات أخرى أقل حجمًا لكنها ذات أبعاد استراتيجية، مثل مشروع الشركة العربية للنقل البحري للبترول (AMPTC)، الذي أُسس عام 1972 كمشروع مشترك في إطار رابطة الدول العربية المصدرة للنفط، بهدف نقل النفط وتسهيل تجارته. كما يوجد مشروع الشركة العربية للحديد (ARMICO) التي تأسست عام 1978، وتمتلك شركات لصناعة الحديد والألمنيوم في تونس والبحرين والسعودية وعدد من الدول العربية الأخرى.

هكذا نستطيع أن نرى أن التعاون العربي الاقتصادي قائم وطموح، وأن الجانب الاقتصادي يحتوي على فرص للتعاون تفوق ما هو قائم على المستوى السياسي. فنجد تعاونًا واسعًا داخل العلاقات المغاربية البينية، بما في ذلك الجزائر والمغرب، ومشاريع مشتركة بين دول الخليج، ومحاولات لمدّ خطوط التعاون نحو العراق وسوريا ولبنان، وهي دول ذات توجهات متنوعة قد تتعارض أحيانًا مع المشاريع العربية.

ومع ذلك، فإن المسيرة نحو التكامل الكامل ليست خالية من العقبات؛ فالتحديات التمويلية، وتعقيدات الحوكمة والتنسيق بين دول متعددة، إضافة إلى تأثير التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية، ما تزال تشكّل حواجز كبيرة تتطلب تضافر الجهود وتجديد الالتزام السياسي لتجاوزها. لكن الحديث عن مثل هذه المشاريع يعيد روح الأمل بأن العالم العربي يشكّل جوارًا جغرافيًا متعاونًا، وجوارًا ثقافيًا يمتلك مشاريع بينية يمكن أن تكون حجر الأساس لمراحل أكثر تكاملًا في المستقبل.

المراجع

[1] منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى… آفاق جديدة للنمو، اتحاد الغرف العربية، 2018، الرابط.

[2] قمة الكويت…اتخاذ خطوات لإقامة اتحاد جمركي عربي، (كونا)، 2009، الرابط.

[3] المشروعات العربية المشتركة، الصندوق العربي الإنمائي، الرابط.

[4] بلاد الشام الجديدة… قمة عراقية أردنية مصرية بعمان، (الجزيرة نت)، 2020، الرابط.

[5] الربط الكهربائي يجمع الجزائر والمغرب، (هسبريس)، 2023، الرابط.

[6] للمزيد اطلع على ما ورد في موقع (تلفزيون سوريا) حول المشروع، خط الغاز العربي، الرابط.

[7] للمزيد راجع الهيئة الخليجية للسكك الحديدية، نبذة عن مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون، الرابط.

[8] Arab program for the sustainability of food security, AOAD, 2022, Link.

lk hg'hrm Ygn hgkrg>> juvRt Ygn Hil 6 lahvdu uvfdm lajv;m

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني