في خيام مؤقتة بين الركام.. طلاب غزة يعودون للدراسة من دون كتب أو أقلام

تمشي الطفلة ليان حجي فوق ركام مبانٍ مدمرة إلى مدرستها المستحدثة، لا تحمل حقيبة ولا كتبًا ولا ترتدي زيًّا مدرسيًا، لكنها سعيدة باستئناف الدراسة بعد عامين من حرب إسرائيلية مدمرة في قطاع غزة، ولو داخل خيمة.
للمرة الأولى منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، افتتحت مدرسة “اللولوة القطامي” عددًا من الصفوف في مبنى قديم أصيب بأضرار في حي الرمال في غرب مدينة غزة، وبدأ نحو 900 تلميذ يتلقون تعليمهم الأساسي فيها.
طلاب بلا قرطاسية في شبه مدارس
وتروي ليان حجي (11 عامًا)، التي ترتدي قميصًا مهترئًا وبنطالًا مرقعًا، أنها تمشي عبر طريق طويل ووعر كل يوم من خيمتها في منطقة تل الهوى جنوب غرب غزة، إلى مدرستها الجديدة التي لا تشبه المدارس التي عرفتها من قبل.
وتقول لوكالة “فرانس برس”: “أمشي نصف ساعة على الأقل، في شوارع مدمّرة. ركام وحجارة، عذاب كبير وحزن”.
وتضيف: “ليس لدينا كتب ودفاتر، المكتبات قصفت ودُمرت ولا شيء فيها”. أما قاعات الصفوف، فهي بمعظمها عبارة عن خيم نصبت داخل الغرف المتضررة.
إلا أن حجي التي تحلم بأن تصبح طبيبة يومًا ما تصر على سعادتها في العودة للتعلم.
عودة تدريجية للمدارس رغم الدمار
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، ووزارة التعليم في غزة، قد أعلنتا عودة تدريجية للمدارس في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.
ويعبّر سعيد شلدان (16 عامًا) عن حماسته للعودة إلى المدرسة، بالقول لوكالة فرانس برس: “أنا سعيد لوقف الحرب وعودتي إلى المدرسة”.
ويتابع: “أضطر كل صباح الى تعبئة المياه وأصطف على طابور الخبز. نزحنا عشرات المرات، ولم يعد لدينا بيت”.
هو أيضًا لا يملك كتبًا ودفاتر أو حقيبة.. ويقول: “لا أقلام، لا صفوف، لا كراسي، لا كهرباء ولا مياه، ولا حتى شوارع”.
“لم تترك بيتًا إلا وخلفت فيه وجعًا”.. الحرب على غزة تحرم آلاف الطلبة من التعليم وتتسبب بتضرّر أو تدمير 95% من مدارس القطاع
تقرير: إسلام بدر@islambader_1988 pic.twitter.com/bPZNf6YMSS
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 30, 2025
أنشطة لا منهجية
وفي هذا الإطار، تقوم معلمة رياضيات بتعليم تلميذاتها طريقة حل معادلات حسابية بسيطة من خلال تقسيمهن لمجموعات يتنافسن بالرقص.
ومن ناحيته، يقسم أستاذ اللغة العربية تلاميذه إلى مجموعات صغيرة في ساحة المدرسة؛ تقدم كل منها لونًا مختلفًا من القصائد من خلال مسرحيات هزلية يؤديها الأطفال.
ويوضح مدير مشروع مدرسة اللولوة فيصل القصاص أن الحرب أثرت على كل التلاميذ و”أصبح جلّ تفكيرهم الآن طابور الخبز والتكية والمياه”.
ويردف: “بدأنا من الصفر، وأقمنا مبادرة نقطة تعليمية نستوعب فيها 900 تلميذ على فترتين، صباحية ومسائية. نحاول معالجة وضعهم النفسي وإعادتهم للدراسة من خلال الأنشطة اللامنهجية”.
وفي منطقة المواصي جنوبي قطاع غزة، يسعى مشروع “إعادة الأمل لغزة” الذي تنفذه مؤسسة “التعليم فوق الجميع” القطرية، بالشراكة مع منظمات تابعة للأمم المتحدة الى مساعدة أكثر من 100 ألف تلميذ.
يتم ذلك عن طريق توزيع مستلزمات تعليمية، وتوفير إنترنت وكهرباء، ودعم نفسي وخيام.
تضرّر 97% من المدارس في قطاع غزة
وكان المفوض العام لـ”الأونروا” فيليب لازاريني قد قال عبر منصة “إكس” قبل أيام، إن أكثر من 25 ألف تلميذ في قطاع غزة انضموا إلى “مساحات التعلّم الموقتة” التابعة للوكالة، فيما سيتابع نحو 300 ألف تلميذ دروسًا عبر الإنترنت.
ويبلغ عدد التلاميذ في قطاع غزة أكثر من 758 ألفًا، وفق وزارة التعليم.
خلال الحرب، تحولت معظم المدارس التابعة للأونروا والمدارس الحكومية إلى مراكز إيواء لمئات آلاف النازحين الفارين من القصف، ولا يزال معظمهم فيها.
وبحسب “الأونروا”، تضرّرت 97% من المدارس في قطاع غزة، بعضها في “إصابات مباشرة”، وتحتاج الى إعادة بناء أو إلى إعادة تأهيل كبيرة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ارتكبت إسرائيل حرب إبادة جماعية استمرت لعامين، وخلفت أكثر من 69 ألف شهيد، وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارًا هائلًا طال 90% من البنى التحتية المدنية.
وقد تعرض 668 مبنى مدرسي للقصف المباشر، أي ما يعادل 80% من إجمالي المدارس، وفق المكتب الإعلامي الحكومي.



