رائج اليوم

الأسباب الخفية وراء الاضطراب الوجداني ثنائي القطب.. طبيب أزهري يكشف عنها

 أشار الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الشريف، إلى أن من أكثر الأسئلة التي يسمعها الأطباء النفسيون من المرضى وذويهم عند ظهور الاضطراب الوجداني ثنائي القطب هي: “إيه اللي حصل فجأة؟ الشخص كان طبيعي، إزاي اتغير كده؟”، مؤكدًا أن إدراك الأسباب الحقيقية لهذا المرض يمثل حجر الأساس في التعامل معه بطريقة علمية وإنسانية صحيحة.

وأوضح المهدي، خلال لقائه في برنامج “راحة نفسية” على قناة الناس، أن الاضطراب الوجداني ثنائي القطب هو حالة نفسية تتسم بتقلبات حادة في المزاج، يتنقل فيها المريض بين فترات من النشاط المفرط أو ما يُعرف بـ”نوبات الهوس”، وأخرى من الحزن العميق والاكتئاب، وقد تمتد هذه الفترات لأسابيع أو شهور ما لم يتم العلاج والمتابعة الدقيقة.

وبيّن أن الوراثة تعدّ أحد أبرز الأسباب المعروفة لهذا الاضطراب، إذ تلعب الجينات دورًا مهمًا في انتقال القابلية للإصابة بين أفراد العائلة، حتى وإن لم تُكتشف بعض الحالات بسبب ظهورها بشكل بسيط أو غير ملحوظ. 

وأضاف أن احتمالات انتقال المرض تصل إلى 12 أو 15% في حال إصابة أحد الوالدين، بينما تقفز إلى نحو 40% إذا كان كلا الأبوين مصابًا، مشددًا على أهمية الحذر عند التفكير في زواج شخصين لديهما تاريخ عائلي مع هذا المرض، لتقليل فرص انتقاله للأبناء.

وأشار إلى أن الخلل الكيميائي في المخ يأتي في المرتبة الثانية بين أسباب الاضطراب، موضحًا أن التوازن بين النواقل العصبية مثل السيروتونين، والدوبامين، والنورأدرينالين، هو ما ينظم المزاج، وأن أي اضطراب في هذا التوازن يؤدي إلى تقلبات حادة في الحالة النفسية. 

ولفت إلى أن العلم لم يحدد بعد السبب الدقيق وراء هذا الخلل، تمامًا كما لا يُعرف السبب الجذري لنقص الإنسولين في مرضى السكري رغم وضوح نتائجه.

وأضاف أستاذ الطب النفسي أن الضغوط الحياتية والصدمات النفسية تمثل بيئة خصبة لظهور الاضطراب أو تفاقمه، خصوصًا لدى الأشخاص الذين مروا بتجارب مؤلمة في طفولتهم مثل فقد أحد الوالدين، أو الانفصال الأسري، أو الإهمال العاطفي، أو التعرض للتنمر وسوء المعاملة. 

وأوضح أن هذه التجارب تترك جرحًا نفسيًا عميقًا يظهر أثره لاحقًا في صورة اضطرابات مزاجية يصعب التحكم فيها وقت الأزمات.

ولم يغفل المهدي الإشارة إلى أن تعاطي المخدرات والمنشطات يعد أحد الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى أعراض شبيهة بالاضطراب الوجداني، مشيرًا إلى أن مواد مثل الحشيش، والشابّو، والكوكايين، والآيس، والاستروكس، تحدث تغييرات حادة في كيمياء المخ، ينتج عنها حالات من الهوس المفرط أو الاكتئاب الحاد، وقد تتحول في بعض الأحيان إلى اضطراب مزمن إذا لم يُعالج بسرعة.

وأكد المهدي أن الاضطراب الوجداني ثنائي القطب ليس نهاية الطريق، وأن العلاج ممكن ومؤثر إذا جرى التشخيص في الوقت المناسب، موضحًا أن أفضل النتائج تتحقق من خلال الدمج بين العلاج الدوائي، والمتابعة النفسية المنتظمة، والدعم الأسري المستمر، لأن المريض في حاجة إلى بيئة حاضنة تفهم طبيعة حالته وتساعده على الالتزام بالعلاج.

وأكد على أن “الفهم نصف العلاج، والاحتواء نصف الشفاء”، داعيًا إلى نشر الوعي حول الاضطرابات النفسية والتوقف عن وصم المرضى، لأن الاضطراب النفسي لا ينتقص من إنسانية صاحبه، بل يحتاج فقط إلى فهم ورعاية مثل أي مرض عضوي آخر. 

hgHsfhf hgotdm ,vhx hghq'vhf hg,[]hkd ekhzd hgr'f>> 'fdf H.ivd d;at ukih

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم