كيف تتخلص من التفكير الزائد قبل النوم.. أستاذ نفسي بالأزهر يوضح

كشف الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الشريف، عن أن كثيرًا من الناس يعانون من ظاهرة التفكير الزائد قبل النوم، حتى أصبحت من أبرز المشكلات النفسية المنتشرة في العصر الحديث، مشيرًا إلى أن ما يقف وراءها في الغالب هو سلوك ذهني غير منضبط، وليس مجرد اضطراب عابر.
وأوضح المهدي أن بعض الأشخاص، بمجرد أن يخلدوا إلى فراشهم، تبدأ عقولهم في استرجاع أحداث اليوم ومواقف الماضي وأفكار المستقبل، وكأن الليل موعد رسمي للمحاسبة الذاتية. وقال: “الإنسان يظن أن السكون الخارجي هو وقت مناسب للتفكير، لكنه في الحقيقة يرهق عقله ويمنعه من النوم، فيتحول وقت الراحة إلى ساحة من الصراع الذهني”.
وأكد أستاذ الطب النفسي أن الخطوة الأولى للتعامل مع هذه المشكلة هي تغيير العلاقة بين غرفة النوم والعقل، بحيث تصبح الغرفة مخصصة للنوم فقط، لا للطعام أو مشاهدة التلفزيون أو قضاء الوقت الطويل في التفكير.
وأوضح أن هذه الخطوة تساعد الدماغ على الربط التلقائي بين المكان والنوم، مما يسهّل الاسترخاء.
وأضاف قائلًا: “حين تدخل غرفة نومك، تذكّر أن هذا هو المكان الذي يجب أن تهدأ فيه كل الأصوات والأفكار. لا تحمل معك هموم اليوم، ولا تفتح ملفات الماضي. اتركها وراء الباب، لأن النوم لا يتعايش مع القلق والتفكير المتواصل”.
وأشار المهدي إلى أن بعض الحالات قد تتجاوز حدود العادة الذهنية لتصبح اضطرابًا نفسيًا حقيقيًا، وهو ما يُعرف بـ”الأوفرثينكينج” أو التفكير القهري الزائد، موضحًا أنه نوع من الوسواس القهري يجعل صاحبه أسيرًا لتدفق الأفكار دون توقف، حتى أثناء محاولته للنوم.
وبيّن أن هذا النوع من الاضطراب لا يمكن التعامل معه بالتجاهل أو الصبر فقط، بل يحتاج إلى تدخل طبي متخصص، مؤكدًا أن العلاج النفسي والسلوكي متاح وفعّال، ويساعد المريض على استعادة السيطرة على ذهنه ونومه، واسترجاع التوازن النفسي الذي فقده بسبب هذه الدوامة الفكرية المرهقة.
وفي ختام حديثه، وجّه الدكتور المهدي نصيحة عامة قائلاً:
“العقل مثل البحر، يحتاج إلى موانئ للراحة، فلا تتركه يبحر بلا توقف. اجعل النوم لحظة سلام، لا ساحة مراجعة، واستعن بالهدوء والتسبيح والقراءة الهادئة قبل النوم، فذلك يعيد الطمأنينة إلى نفسك ويمنحك راحة تستحقها”.



