«ساكنين بإيجار قديم 30 جنيه وبندفع 500 سندات خشب».. مأساة سكان حارة روض الفرج بعد انهيار عقار من 4 طوابق

محمد القماش مأساة سكان حارة روض الفرج بعد انهيار جزئي لعقار «إيجار قديم» من 4 طوابق- تصوير: مأساة سكان حارة روض الفرج بعد انهيار جزئي لعقار «إيجار قديم» من 4 طوابق- تصوير: انهيار جزئي لعقار في منطقة روض الفرج بالقاهرة انهيار جزئي لعقار في منطقة روض الفرج بالقاهرة معاناة الأسر بعد سقوط بيت في روض الفرج ورغم الذهول،
سقطت الجدران قبل أن يصحو معظم سكان المنطقة.. في فجر يوم قائظ من أيام الصيف، انهار منزل قديم مكوّن من 4 طوابق في حارة ضيقة بمنطقة روض الفرج شمال القاهرة، مخلفًا مشهدًا مأساويًا، نجت منه 6 أطفال بأعجوبة فيما تُركت 16 أسرة في العراء دون مأوى أو متعلقات.
وبحسب روايات السكان، فإن الانهيار وقع نتيجة إهمال في معالجة تصدعات بجدار مشترك مع منزل مجاور كان قد تعرّض لانهيار جزئي قبل عام ونصف، دون أن تتخذ الجهات المعنية إجراءات جذرية، ما تسبب في ضعف الهيكل الحامل للعقار.
وقد أكد السكان أنهم استأجروا أعمدة خشبية مؤقتة، كانت تُجدّد أسبوعيًا من أموالهم الخاصة، في محاولة لدعم العقار وإنقاذه من السقوط، بينما تجاهلت الجهات الهندسية في المنطقة التحذيرات السابقة، واعتبرت المبنى «غير مهدد بالانهيار».
عند مدخل الحارة، كانت سلمى الكردي، صاحبة العقار المنهار جزئيًا، تجلس على كرسي بلاستيكي مهشم، تحت مظلة من قماش مشدود فوق حجارة.. وجهها مشوب بالذهول، كأنها لا تزال تحاول استيعاب الكارثة.
«البيت كان 4 أدوار»، تقول بصوت مبحوح، ويديها ترتجفان، «والبيت اللي جنبنا من حوالي سنة ونص حصل فيه انهيار جزئي، وجت مهندسة من المنطقة وشافت بيتنا وقالت: (مفيهوش حاجة.. ساعتها ارتحنا، لكن كان لازم نصدق اللي شايفينه، فجبنا مقاول، وقال لازم تسندوا الحيطة، وفضلنا نأجر الصكوك الخشبية بـ500 جنيه في الأسبوع.. كنا بنلمّ الفلوس من بعض بالعافية)».
سكان يدفعون 500 جنيه لإنقاذ منزل القديم
في هذا العقار المنهار، كانت تعيش 16 أسرة، في كل دور 4 أسر، كل منها تسكن في غرفة واحدة وتتشارك الحمام.. الحياة بين الجدران كانت ضيّقة، لكن دافئة رغم الزعل، إلى أن جاء فجر أمس، وفق قاطنى البيت المنكوب.
فجأة، انفجرت «سلمى» بالبكاء وهي تروي اللحظة: «فجرًا، فجأة، سمعنا صوت جدران بتتكسر.. حجرتين في الدور الـ4 نزلوا مرة واحدة.. كان فيه 6 أطفال نايمين جوّاهم.. الناس جريت، وأنا طلعت أصرّخ.. الجدران كانت بتقع، بس ربنا ستر.. أغلب السكان كانوا برا بسبب الحر.. محدش كان نايم تقريبًا، وده اللي أنقذهم».
في ذلك الدور الأخير، كانت حنان قرني، قد أسكنت أطفال أختها الـ6، بعدما سُجنت أختي وزوجها في واقعة جنائية.. «حنان»، المطلقة، تقيم منذ 17 عامًا في غرفة بالدور الأرضي، وتبيع الحلوى للأطفال في الشارع لتطعم أبناءها وأولاد شقيقتها.
«أصالة، وليالي، وفاطمة، وهويدا، وحنان، ومكة… كلهم كانوا فوق.. وأخوهم حازم كمان، أصغرهم عنده 5 سنين.. كنت في الشارع ببيع الحلوى والذرة المشوى، وسمعت الناس بتصوّت.. طلعت زي المجنونة، وواحد واحد كنت بسحبهم من وسط الركام.. ربنا كتب لهم عمر جديد.. بس دلوقتي إحنا في الشارع، أنا وهما وعيالي، لا سقف ولا أكل ولا حاجة».
معاناة الأسر بعد سقوط بيت في روض الفرج
ورغم الذهول، لا تنسى «حنان» أن توجه اتهامًا صريحًا: «ذنبنا في رقبة مهندسة الحى اللي قالت البيت سليم لما جت تعاينه من حوالي سنة ونصف.. هي اللي خلتنا نكمل هنا، وخلتنا نضحي بولادنا».
فيما تتحدث رشيدة صبري، وهي أرملة تسكن في الدور الـ3، تظهر عيناها غائرتان من العياط: «الحيطة اللي في بيت الجران تشقق، فبدأنا نلمّ 500 جنيه كل شهر للمقاول علشان الصكوك.. بس كنا بنقول نعيش لحد ما ربنا يفرجها.. دلوقتي خلاص، البيت بقى خطر، وحتى العفش مش قادرين نطلعه».
حسن عبدالمنعم، رجل في الـ50 من عمره، يجلس على حجر عند مدخل الحارة، وقد وضع رأسه بين يديه.. يقول بصوت مبحوح: «أنا عندي 3 عيال، وساكن هنا من السبعينات.. كلنا أرزقية.. المنطقة كان المفروض يشوف البيت ويشيله قبل ما يحصل اللي حصل.. ربنا ستر إن ماحدش مات، بس إحنا بقينا مشردين».
سكان بلا مأوى بعد سقوط منزل القديم
أمام ركام البيت المتراكم بالداخل، تتكدس مراتب إسفنجية متسخة، وأغطية مبللة بالعرق والتراب، وثلاجة صغيرة صدئة.. هذه بقايا ما تبقّى من حياة زينب شحاتة، التي تقيم مع زوجها المسنّ في ذات العقار منذ عقود، ولم تستطع حملهم من داخل البيت.
«جيت هنا وطفلي عنده سنتين، دلوقتي عمره 40 سنة.. زوجي عنده القلب، ومش قادرين حتى نرفع مرتبة من تحت الركام.. جايين نعيش على آخر عمرنا، لقينا نفسنا في الشارع».
تقول الحاجة رضا، وهي سيدة سبعينية تسكن في الدور الـ3: «كل حاجة وقعت فجأة، حتى الحمام وقع معاه.. كنا بنتحمى وإحنا خايفين الميه تنزل علينا من السقف.. دلوقتي إحنا في الشارع، لا بيت ولا أمان».
في الجانب الآخر من الحارة، تقف سيارة المنطقة محمّلة بألواح خشبية وسقالات، والحراس يمنعون أي شخص من الاقتراب من البيت المنهار.. ممنوع دخول العقار أو إنقاذ الأثاث، باستثناء تلك السيدة الوحيدة التي كانت تقيم في الدور الأرضي وتمكنت من انتشال بعض أشيائها.
غرفة لكل أسرة وحمام مشترك قبل الانهيار
ورغم مأساة الانهيار، يبقى الساكنون بلا مأوى ولا يعرفون مصيرهم.. أغلبهم يسكنون بعقود إيجار قديم، ويدفعون 20 أو 30 جنيهًا شهريًا، وبعضهم بلا عقود من الأساس.. لا تأمين، ولا بدائل، ولا حتى تعويض عن ما فقدوه.
«إحنا كنا عايشين في عزلة، بس كنا مستورين»، تقول «زينب» وهي تحتضن وسادة ممزقة: «المنطقة مش بيفكر يودينا فين ولا يعوّضنا، قالوا لنا اقعدوا في الشارع لحد ما نشوف».
وفيما يتزايد عدد المشردين على ناصية الحارة، لا شيء يوحي بأن حلًا سريعًا في الأفق.. بعض السكان باتوا يقضون الليل تحت بطاطين على الرصيف، والبعض الآخر لجأ لأقارب مؤقتًا.. الجميع يعيش على أمل تدخل رسمي يعيد إليهم شيئًا من كرامتهم.
سلمى الكردي، التي وُصفت بـ«صاحبة البيت»، لم تعد تملك شيئًا.. تقول إن حياتها توقفت مع آخر طوبة سقطت: «أنا بعت دهبي علشان أجيب الأعمدة الخشبية.. كنت بحاول أحمي الناس، لكن مفيش حد ساعد.. إحنا دلوقتي نناشد المسؤولين، بلاش نرمي ولادنا في الشارع».
وتضيف وهي تشير إلى الأطفال الـ6 الذين أنقذوا من الموت: «لو كانوا ماتوا، كانت الناس هتفتكرهم يوم وتمشي.. بس النهاردة هما أحياء، ولا حد بيبص لهم.. أهو إحنا عايشين بس زي الميتين».
قرارات النيابة العامة في انهيار عقار روض الفرج
وأمرت النيابة العامة بندب لجنة فنية من حي روض الفرج لمعاينة العقار المنهار وبيان أسباب الحادثة، كما كلفت المباحث الجنائية بإجراء التحريات حول الواقعة وسؤال مسؤولي المنطقة عن مدى علمهم بوجود تصدعات سابقة أو شكاوى من السكان قبل الانهيار.
وطلبت النيابة استدعاء المهندسة المسؤولة عن آخر معاينة للعقار، ومراجعة العقود الخاصة بأعمال التدعيم التي قام بها السكان على نفقتهم الخاصة، فضلًا عن حصر أعداد الأسر المتضررة، تمهيدًا لبحث سبل إيوائهم بشكل عاجل، كما أمرت بالتحفظ على موقع الانهيار ومنع الدخول إليه لحين الانتهاء من تقارير المعاينة الفنية.
القاهرة هي عاصمة مصر وأكبر مدنها من حيث عدد السكان. تُعتبر مركزًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا هامًا، وتحتضن معظم مؤسسات الدولة والوزارات. تشتهر القاهرة بتاريخها العريق ومعالمها الأثرية مثل الأهرامات والمتحف المصري، بالإضافة إلى أحيائها العريقة مثل مصر القديمة والزمالك والمعادي. كما تعتبر القلب النابض لمصر في الإعلام والتعليم والخدمات.
كل الأخبار عن القاهرة
❓ الأسئلة الشائعة
السؤال: سكان يدفعون 500 جنيه لإنقاذ منزل القديم
الجواب: في هذا العقار المنهار، كانت تعيش 16 أسرة، في كل دور 4 أسر، كل منها تسكن في غرفة واحدة وتتشارك الحمام.. الحياة بين الجدران كانت ضيّقة، لكن دافئة رغم الزعل، إلى أن جاء فجر أمس، وفق قاطنى البيت المنكوب.
📌 أهم النقاط الأساسية حول الخبر:
- في فجر يوم قائظ من أيام الصيف، انهار منزل قديم مكوّن من 4 طوابق في حارة...
- وبحسب روايات السكان، فإن الانهيار وقع نتيجة إهمال في معالجة تصدعات بجدار مشترك مع منزل مجاور...
- وقد أكد السكان أنهم استأجروا أعمدة خشبية مؤقتة، كانت تُجدّد أسبوعيًا من أموالهم الخاصة، في محاولة...