“طموح أم وهم؟”.. جون بولتون يكتب عن مقترح ترامب لتحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”

قال جون بولتون المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة بعد اجتماعه، الأسبوع الماضي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثارت جدلًا واسعًا وارتباكًا كبيرًا.

وفي مقال له بصحيفة “ذا تلغراف”، أشار بولتون -الذي شغل منصب مستشار للأمن القومي الأمريكي خلال ولاية ترامب الأولى- إلى أن تصريحات ترامب لم تكن مجرد تأملات عابرة، بل كانت مكتوبة مسبقًا.

والأربعاء الماضي، جدد ترامب دعمه لمخطط تهجير فلسطينيي قطاع غزة بشكل “دائم” إلى دول أخرى، معتبرا أن حل الصراع يكمن في خروج الفلسطينيين من غزة، وأن هناك بلدانا أخرى غير الأردن ومصر ستقبل إيواءهم.

تصريحات ترامب جاءت خلال مؤتمر صحفي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، قبيل انطلاق محادثات ثنائية بينهما.

وبشأن اقتراح ترامب سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وإخلائه من سكانه لتطوير مشروعات عقارية فيه، اعتبر بولتون أنه في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية المتوترة، تبدو فكرة “امتلاك” الولايات المتحدة للقطاع وتحويله إلى وجهة سياحية فاخرة أشبه بـ”ريفييرا الشرق الأوسط”، أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، وهو ما دفع محللين إلى التشكيك في إمكانية تحقيقها على الأرض.

وأشار بولتون إلى أن فكرة استلام الولايات المتحدة لقطاع غزة تشبه إلى حد كبير “العرض الذي قدمه ترامب خلال ولايته الأولى للزعيم الكوري الشمالي لتحويل شواطئ بلاده -التي لم تمس- إلى مناطق سياحية رئيسية”، وهي فكرة لم تتحقق.

بولتون اعتبر أنه إذا كانت الفكرة في حالة “كوريا الشمالية غير واقعية” فهي أكثر استحالة بالنسبة إلى قطاع غزة.

رأس المال جبان

قال بولتون خلال مقاله “إذا بدت هذه الفكرة غير واقعية بالنسبة لكوريا الشمالية، فإنها تبدو أكثر جنونًا في حالة غزة، حيث تسود حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، مما يجعل الاستثمار في أي مشروع تنموي واسع النطاق شبه مستحيل”، على حد وصفه.

ووفق بولتون، فإن “المثل الاقتصادي يقول رأس المال جبان. والوضع في غزة يؤكد هذه المقولة، فعلى الرغم من الهدنة الحالية بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) فإن الأخيرة تعيد تدريجيًّا بسط سيطرتها في القطاع، وهو ما قد يشير إلى أن بنيتها العسكرية لم تتضرر بقدر ما كان يُعتقد جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية”.

وتابع بولتون “هذا الواقع يثير مخاوف في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، إذ يتوقع محللون أن إسرائيل ستستأنف القتال بمجرد انتهاء عمليات تبادل الأسرى؛ مما يعني أن أي استقرار أمني حقيقي لا يزال بعيد المنال. وبدون بيئة آمنة، لن يكون هناك تدفق لرأس المال ولا إمكانية لبدء مشاريع تنموية، فضلا عن تحويل غزة إلى وجهة سياحية”.

وألمح بولتون إلى أن اقتراح ترامب إذا تم تبنيه فسوف يؤدي إلى تغيير جذري ودائم في الشرق الأوسط وسيكون بمثابة الضربة القاضية لحل “الدولتين”.

ولفت بولتون إلى أن “حل الدولتين كان قد تحول إلى مجرد تكرار لفظي في إسرائيل قبل هجوم السابع من أكتوبر. وبعد الهجوم اختفى تقريبًا كخيار جاد”.

وفي هذا الصدد، أشار بولتون إلى أنه كان قد اقترح سابقًا حل “الثلاث دول”، “الذي يقوم على إعادة غزة إلى مصر، وتقسيم الضفة الغربية بين الأردن وإسرائيل من حيث السيادة”، معتبرا أن “من شأن هذا النهج أن يضمن أمن إسرائيل، بينما يوفّر في الوقت ذاته للفلسطينيين الاستقرار داخل اقتصادات قابلة للحياة، مع فرص مستقبلية حقيقية”، على حد وصفه.