ظلال الاخبار

حصار إسرائيل دوليا ممكن.. ومجموعة لاهاي البداية

0:00

في الحادي والثلاثين من يناير/كانون الثاني المنصرم دشنت 9 دول من 3 قارات تكتلا دوليا لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكاته المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وحماية حق هذا الشعب في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة.

لم يأت اختيار مدينة لاهاي الهولندية كمكان لإعلان التكتل الجديد من فراغ، فهي المدينة التي تحتضن محكمة العدل الدولية التي بدأت بالفعل منذ مطلع العام الماضي محاكمة الكيان الصهيوني بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية بحق أهل غزة، وأصدرت بالفعل أوامر للكيان لتسهيل مرور الإغاثة. كما أنها أصدرت في يوليو/ تموز من العام الماضي فتوى قانونية بناء على طلب من الأمم المتحدة دعت فيها إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وإنهاء أي تدابير إسرائيلية لتغيير الديمغرافيا أو الجغرافيا الفلسطينية، وأكدت حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

كما أن لاهاي تحتضن أيضا محكمة الجنايات الدولية التي أصدرت أوامر باعتقال رئيس وزراء الكيان نتنياهو ووزير الدفاع السابق يواف غالانت، وبسبب ذلك تتعرض لهجمة أمريكية كبرى، زاد أوارها بعد وصول ترامب للحكم، ومن هنا وجدت مجموعة لاهاي ضرورة ظهور تكتل دولي لضمان العدالة للشعب الفلسطيني، ومواجهة التكتلات الدولية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

ثمرة لطوفان الأقصى

التكتل الجديد هو أحد ثمار طوفان الأقصى، وهو جزء من حالة تضامن دولية صاعدة مع القضية الفلسطينية، وهو يضم 9 دول خمس منها من أمريكا اللاتينية والكاريبي هي كولومبيا وكوبا، وهندوراس، وبوليفيا، ومملكة بيليز، وثلاث دول إفريقية هي جنوب إفريقيا والسنغال وناميبيا، ودولة أسيوية واحدة هي ماليزيا، وهي دول ذات تاريخ نضالي في مقاومة الاستعمار، والعنصرية، كما أنها صاحبة مواقف قوية رافضة للاحتلال الإسرائيلي وداعمة للقضية الفلسطينية، وهي تدرك أنها بتشكيلها للتكتل الدولي الجديد فإنها ستواجه تكتلا دوليا أقوى يدعم الكيان الإسرائيلي وإن لم يعلن نفسه بشكل رسمي تقوده الولايات المتحدة وغالبية الدول الغربية، لكنها مع ذلك لم تلق بالا لما قد يواجهها من ضغوطات وعقوبات غربية.

لم تشر الأنباء إلى الدولة صاحبة الفكرة، وإن غلب الظن أنها جنوب إفريقيا التي تجرأت برفع دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، كما رفعت دعوى أخرى أمام محكمة الجنايات الدولية، لكن الدول الأخرى المؤسسة للمجموعة أبدت مواقف قوية ضد الكيان منذ طوفان الأقصى وحتى الآن، فمملكة بليز وهي أصغر دولة في المجموعة قطعت علاقاتها مع الكيان بعد شهر من اجتياح غزة، وهو ما فعلته أيضا كولومبيا وبوليفيا ونيكاراغوا، وناميبيا التي انضمت إلى جنوب إفريقيا في دعواها أمام محكمة العدل الدولية منعت أيضا سفينة أسلحة متجهة إلى إسرائيل من الرسو في أحد موانئها، وماليزيا التي لا تعترف بإسرائيل تسعى أيضا لطردها من الأمم المتحدة.

بداية ساخنة وغياب عربي

بدأت مجموعة لاهاي بداية ساخنة بتأكيد سعيها لإنهاء الاحتلال، ودعم حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، ومنع رسو السفن التي تُستخدم في نقل الأسلحة والوقود العسكري إلى إسرائيل في أي ميناء من موانئها، ودعمها للأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، ودعمها لمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو، ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت، وكذا دعمها لأمر المحكمة الجنائية الدولية بشأن دعوى رفعتها نيكاراغوا ضد ألمانيا، متهمة إياها بانتهاك اتفاقية 1948 لمنع الإبادة الجماعية عبر تزويدها إسرائيل بالأسلحة.

من المؤسف أن التكتل الدولي الجديد لا يضم  أي دولة عربية بينما يضم فقط دولتين إسلاميتين (ماليزيا والسنغال)، رغم أن الدول العربية والإسلامية هي الأولى بدعم القضية الفلسطينية، ومن المحتمل أن تبادر دول أخرى بالانضمام لهذا التكتل، والمتوقع هنا  هي الدول التي انضمت إلى جنوب إفريقيا في قضيتها أمام محكمة العدل الدولية مثل: أيرلندا ونيكاراغوا والمكسيك وليبيا وتركيا وجزر المالديف وتشيلي وإسبانيا، والمأمول أن تنضم  إليها دول عربية وإسلامية أخرى حتى يصبح لهذا التكتل صوتا أقوى في مواجهة اللوبي الدولي الداعم للكيان، وحتى يصبح أكثر قدرة على حصار وعزل الكيان دوليا.

استعادة روح التحرر

حصار وعزل الكيان حدث من قبل في الستينيات والسبعينيات حيث كانت قوى التحرر الوطني العالمية في أوج تألقها، وكانت الدول الإفريقية ومعظم الدول الأسيوية لا تقيم علاقات مع الكيان، وتنحاز بشكل مطلق للقضية الفلسطينية وحق تقرير المصير، وإقامة الوطن المستقل، وانعكست هذه المواقف على قرارات الأمم المتحدة التي تتالت ضد الممارسات الإسرائيلية، وصولا إلى قرار اعتبار الصهيونية شكل من أشكال العنصرية الذي صدر منتصف السبعينيات، لكن الخلافات العربية، مع تفكك المعسكر الاشتراكي، وتراجع دور حركة عدم الانحياز ساهم في صعود الحلف الداعم للكيان عالميا، حتى تمكن من إلغاء قرار الأمم المتحدة السابق في العام 1991، وكان ذلك شرطا إسرائيليا لقبول الدخول في مفاوضات مدريد للسلام.

تكتل لاهاي الجديد هو استعادة لروح قوى التحرر في الستينات، التي عانت من الاستعمار والعنصرية، وتدرك أكثر من غيرها مخاطر العنصرية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، ولذا تحركت لمواجهتها رغم ما ستدفعه من أثمان، وها نحن نرى بداية العقوبات الأمريكية على دولة جنوب إفريقيا باعتبارها الدولة القائدة لهذه التحركات الجديدة، حيث أعلن الرئيس الأمريكي ترامب قطع كل التمويل المستقبلي لها بسبب قانون وقعه رئيسها الأسبوع الماضي بإعادة بعض الأراضي التي اغتصبها البيض من السود خلال فترة الحكم العنصري، وقد نرى عقوبات وتهديدات أخرى لباقي دول تكتل لاهاي بهدف تفتيتها أو وأدها، وسنرى كيف ستتعامل هذه الدول مع التهديدات والعقوبات.

pwhv Ysvhzdg ],gdh ll;k>> ,l[l,um ghihd hgf]hdm
اللهم اجعلني لك شاكرًا لك ذاكرًا إليك مخبتًا لك أواهًا منيبًا
زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل