جريمة طبية.. استشهاد المعتقل معتز أبو زنيد في مستشفى سوروكا الإسرائيلي – قناة مصر اليوم
منذ بداية العدوان على قطاع غزة، اختفى العديد من الغزاويين دون وجود أي أثر. وعندما توجهت عائلاتهم إلى الجيش الإسرائيلي للسؤال عن ذويهم لمعرفة مصيرهم، نفى الجيش أن تكون لديه معلومات بشأنهم.
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أنه بعد الفحص والبحث، تبين أن المفقودين إما استشهدوا أو أنهم معتقلون في السجون الإسرائيلية.
وأوضحت الصحيفة أن مصير العديد من المعتقلين الغزاويين في السجون لا يزال مجهولًا، بينما يزعم جيش الاحتلال أنه لا يمتلك بيانات تشير إلى اعتقالهم، على الرغم من أن آخر ممصر اليوملهؤلاء الفلسطينيين كانت أثناء احتجازهم للتحقيق أو اعتقالهم.
وخلال الأشهر الأخيرة، قدم الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان 27 التماسًا لمعرفة مصير المفقودين، رُفض معظمها. لكن في بعض الحالات، أدى تقديم الالتماسات إلى إعادة الجيش النظر، ما كشف أن الأشخاص الذين زُعم عدم وجود معلومات عنهم كانوا محتجزين في السجون الإسرائيلية أو قد توفوا – وفقًا لـ«هآرتس».
تعتيم على المعتقلين
من بين تلك الحالات عبد الكريم الشنا، البالغ من العمر 39 عامًا، والذي اعتُقل نهاية يناير/كانون الثاني 2024 أثناء عبوره من حاجز عسكري جنوب خان يونس بعد أوامر جيش الاحتلال للمدنيين بإخلاء منازلهم والتوجه إلى منطقة المواصي. وعلى مدار خمسة أشهر، انقطع التواصل معه، ولم تعرف عائلته أي شيء عنه، إلى أن وصلت أخبار عنه من أحد المعتقلين المفرج عنهم.
وقالت قريبة الشنا، وتُدعى ضحى، إنهم تلقوا أخبارًا من أحد المعتقلين المفرج عنهم تفيد بأن الشنا محتجز في سجن عسقلان، حيث لا توجد مراتب للنوم، مضيفة أنه تعرض للتعذيب. وعلى إثر ذلك، حاولت العائلة التنسيق لزيارة محامٍ إلى المكان، إلا أن مصلحة السجون أبلغتهم أنه ليس محتجزًا هناك، بل في معسكر عوفر. وعندما اتصلوا لاحقًا بإدارة السجون لتنسيق الزيارة، قيل لهم إنه «لا يوجد أي مؤشر على اعتقاله أو احتجازه نهائيًا في عوفر».
وفي محاولة لتحديد مكان الشنا، حاولت عائلته التي بقيت في غزة الوصول إليه عبر كل ما يمكن تصوره. وقالت ضحى: «اتصلنا بوزارة الأسرى والصليب الأحمر ومنظمة الضمير (منظمة فلسطينية تساعد الأسرى)، وسألنا محررين آخرين، وذهبنا إلى المدارس التي باتت مراكز لإيواء النازحين».
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تقدمت منظمة «موكيد» الحقوقية بالتماس يطالب السلطات بالإجابة عن مكان تواجد الشنا. فقط بعد تقديم الالتماس، ردت السلطات على المحكمة بأنه محتجز بموجب إجراءات جنائية في سجن عوفر، وأن محاميًا زاره في مايو/أيار 2024 – دون علم العائلة.
وزعمت السلطات أنه «حدث سهو في الرد المقدم للعائلة». وعندما سألت «هآرتس» الشاباك عن مصير الشنا، رفض الكشف عن التهم الموجهة ضده، إلا أن مصدرًا أمنيًا قال إنه تم اعتقاله للاشتباه في تورطه بما زُعم أنه «نشاط إرهابي».
احتجاز دون محامٍ
منذ بداية الحرب، اعتُقل العديد من سكان غزة، ونُقل بعضهم إلى مراكز الاحتجاز في إسرائيل، بينما احتُجز آخرون لفترات داخل القطاع. وتم احتجاز معظمهم بموجب قانون «المقاتلين غير الشرعيين»، الذي يسمح حاليًا باحتجازهم لمدة 45 يومًا دون رؤية محامٍ. ورغم صعوبة الوضع القانوني، فإنه يُعد تحسنًا مقارنة ببداية الحرب، حيث سمح القانون آنذاك بحرمانهم من الحصول على محامٍ لمدة 180 يومًا.
وتم القبض على آخرين، مثل الشنا، كجزء من الإجراءات الجنائية.
ورفضت السلطات لعدة أشهر تزويد أهالي المعتقلين بأي معلومات تتعلق بمصيرهم، بينما توقفت عن السماح لممثلي الصليب الأحمر بزيارة مرافق السجون في إسرائيل.
وبعد الالتماسات المقدمة، قدمت السلطات في مايو/آيار عنوان بريد إلكتروني يمكنهم الاتصال به لطلب موعد لمقابلة المحتجز مع محام بعد أول 45 يومًا من الاحتجاز، وبالتالي معرفة ما إذا كان محتجزا وأين.
وفي الفترة من مايو/أيار إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، تم تقديم 901 طلباً لتحديد مكان المعتقلين، تمت الإجابة على 501 منها بمكان الاحتجاز، بينما لا يوجد ما يشير إلى اعتقال أو احتجاز الـ400 الباقين.
وفي بعض الحالات، يمكن الافتراض أن هؤلاء الأشخاص ليسوا محتجزين لدى الجيش وفقدوا الاتصال بأسرهم في ظروف مختلفة من الحرب.
لكن في 27 حالة قدمت فيها المنظمة التماسات، كان لدى عائلات المعتقلين مؤشرات مختلفة على اعتقال ذويهم، على الرغم من الإجابة بأن الشخص لم يكن معتقلا، إلا أنه كان في الواقع محتجزا لدى إسرائيل أو أن ظروف اختفائه كانت خلال فترة اعتقاله أو احتجازه في قطاع غزة.
الموت في الأسر
وبين العديد من تلك الحالات، حالة أحد سكان غزة الذي اعتقله الجيش في نهاية مايو/أيار 2024، وقد قوبل طلب عائلته من الجيش لتحديد مكانه بالإجابة «لا يوجد ما يشير إلى اعتقال أو احتجاز». ورغم ذلك، تم إطلاق سراح المواطن نفسه بعد نحو شهرين، وقال إنه طوال تلك الفترة كان محتجزًا لدى الجيش داخل القطاع ويتنقل من مكان إلى آخر.
حالة أخرى غيّر فيها الجيش الإسرائيلي من رده بعد تقديم التماس نُشر في صحيفة هآرتس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتتعلق بمنير الفقعاوي وابنه ياسين، اللذين ادعى الجيش أنه لا يوجد ما يشير إلى اعتقالهما. وفي فحص آخر أجرته السلطات بعد تقديم التماس في قضيتهما، تبين أن الاثنين توفيا أثناء احتجازهما. وفتحت الشرطة تحقيقا، لا يزال مستمرا، بشأن وفاتهم.
وفي هذه القضية أيضاً، أعرب القضاة عن انزعاجهم من الرقابة التي يمارسها ضباط الشرطة العسكرية.
حالة أخرى لأشخاص اختفوا دون أن يتركوا أثرا، مثل حالة والد عائلة العجور وابنته البالغة من العمر خمس سنوات، وقالت والدة العائلة، التي تحدثت إلى هآرتس وطلبت عدم الكشف عن هويتها، إن آخر مرة رأتهما كانت في 24 مارس/آذار، عندما كانا يقيمان في منزل أحد أقاربهما بالقرب من مستشفى الشفاء في حي الرمال في مدينة غزة. مدينة غزة، بعد إخلائهم من حي تل الهوى في مرحلة سابقة من الحرب.
وقالت: «لقد حاصرنا الجيش لمدة أسبوع، وفي اليوم السابع دخل الجنود إلى منزلنا وبدأوا على الفور بإطلاق النار، كنت حاملاً وأصبت في بطني، وأصيب زوجي في ساقيه، وأصيبت ابنتي في كتفها»، متابعة أن الجنود أخذوا ابنتها الصغيرة إلى غرفة أخرى لعلاج إصابتها، مضيفة: «لقد وجهوا السلاح نحوي وقالوا: عليك مغادرة المنزل إلى الجنوب»، لتصطحب معها طفلها البالغ من العمر 4 أعوام وتخلي المنزل.
وأشارت إلى أنه منذ ذلك الحين لا تعرف ماذا حدث لزوجها أو لطفلتها، لافتة إلى أنه عندما عاد بعض أفراد الأسرة إلى المنزل بعد أسبوعين، اكتشفوا أنه تعرض للقصف، لكنهم لم يجدوا أي جثث هناك.
وسواء تم اعتقال أي منهم أم لا، فالواضح أن آثار الأب وابنته اختفت تماما بعد أن أمسك بهم الجنود.
وبعد بضعة أشهر، سمعت والدة العائلة أخباراً عن زوجها من أحد المعتقلين المحررين، وقال إنه رآه في سجن النقب، دون أن يعطي أية توضحيات عن حالة إصابته أو حالته الصحية.
وعلى الرغم من ذلك، عندما تواصلت الأسرة مع منظمة موكيد لحماية الفرد في محاولة لمعرفة مكان احتجاز والد الأسرة وما حدث للابنة، تلقوا الرد بأنه «لا يوجد أي مؤشر على اعتقالهم».
رفض الإلتماسات
وقد رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الالتماس الذي قدمته المنظمة في هذا الشأن بعد أن ردت السلطات مرة أخرى بنفس النفي، وقالت ربة الأسرة: «لماذا يقولون أنه لم يتم القبض عليه رغم أن المحررين يقولون إنهم سمعوا اسمه؟.. أريد أن أعرف ماذا حدث بعد أن غادرت المنزل – أين ذهب زوجي وأين ذهبت ابنتي؟».
وفي حالتين إضافيتين قدمت فيهما موكيد التماسات لأشخاص ادعى الجيش أنه لا يوجد ما يدل على اعتقالهم، سمعت عائلاتهم من السجناء المفرج عنهم أنهم كانوا محتجزين بالفعل في إسرائيل.
بين تلك الحالات حالة عوض نوفل، وهو من سكان قطاع غزة يبلغ من العمر 68 عاما، وتم اعتقاله أمام عائلته في يناير/كانون الثاني 2024. وزعم الجيش أنه لا يوجد ما يشير إلى اعتقاله، رغم أن عدد من المعتقلين من غزة أكدوا أنهم تعرفوا عليه في سجن عوفر ومعتقل عناتوت.
أيضا المعتقل نور أبو العون، الذي اعتقل في ديسمبر/كانون الأول 2023، وشهد قريبه الذي أطلق سراحه أنه كان محتجزا معه في أحد مراكز التحقيق في سجن شكما، وأكد أسير آخر مفرج عنه أنه أقام معه في سجن عوفر في وقت لاحق.
وفي كلتا الحالتين، رفضت المحكمة العليا الالتماسات بعد أن أصرت السلطات على عدم وجود ما يشير إلى اعتقالهما.
ورد المتحدث باسم جيش الاحتلال بخصوص عائلة العجور: «الحالة الموصوفة غير معروفة. ونؤكد أن الأب لم يتم اعتقاله ولم يصل إلى سجون الجيش الإسرائيلي».
وفيما يتعلق بالحالات الأخرى، وكذلك فيما يتعلق بالادعاء العام بشأن عدم القدرة على تحديد أماكن المعتقلين، اختار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عدم التعليق.
انتهاكات جسيمة
وقالت جيسيكا مونتال، المدير التنفيذي لمنظمة موكيد، «لقد اختفت آثار مئات الأشخاص بعد أن كانوا في عهدة الجنود، والجيش يرفض تقديم معلومات في هذه الحالات – أو ما هو أكثر خطورة – فإن الجنود لا يوثقون معاملة السكان المدنيين على الإطلاق».
وأكدت تقديم مئات الالتماسات للمحكمة، إلى أن المحكمة العليا ما هي إلا بمثابة ختم لكل بيان يصدره الجيش أو الشاباك.
ولفتت إلى أن عدم وجود إلزام بإعادة تريبت الأجهزة الأمنية وآدائها، يؤدي إلى حالة من عدم العدالة، مشددة على أن هناك انتهاكات جسيمة للقانون.
ــــــــــــــــــ
مصر اليوم| البث المباشر لقناة مصر اليوم