ظلال الاخبار

60.5 % من إنفاق الموازنة المصرية لخدمة الدين

0:00

|

حسب المادة 125 من دستور 2014 يجب عرض الحساب الختامي للموازنة، على مجلس النواب خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر بعد انتهاء السنة المالية، ولم تكن وزارة المالية تلتزم بهذا التوقيت، لكنها مع موازنة العام المالي 2023/ 2024 الذي انتهي بنهاية يونيو/حزيران الماضي، التزمت بتقديم حسابها الختامي للبرلمان في الموعد المقرر، وذلك لتحسين موقفها لدى صندوق النقد الدولي، وحتى يقوم مجلس مديري الصندوق بإقرار المراجعة الرابعة للقرض المصري، كي تحصل على قسط بقيمة 1.2 مليار دولار وافق عليه خبراء الصندوق مؤخرا.

وكان تعزيز الإفصاح والشفافية أحد مطالب الصندوق من الحكومة المصرية، لكنها لم تلتزم حتى الآن بالتوقيتات التي وعدت بها لنشر ميزانيات الشركات التابعة للجهات الحكومية وخاصة التابعة للجيش، كما لم تلتزم بما وعدت به من المساواة في المعاملة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص.

وها هو الحساب الختامي لموازنة العام المالي 2023/ 2024 يختلف عما تم إعلانه من تقديرات قبيل بدء العام المالي، حيث يعد الحساب الختامي بمثابة الأرقام النهائية والمعتمدة للموازنة، فقد زادت غالبية بنود الإنفاق خاصة الفوائد التي زادت بنسبة 22% على ما كان مقررا لها، وزادت الإيرادات خاصة مع احتساب السيولة الواردة الناجمة عن صفقة رأس الحكمة الإماراتية كإيرادات للموازنة، الأمر الذي خفض نسبة العجز بالموازنة للناتج المحلي، لكنه انخفاض مؤقت ويحتاج تكراره لصفقة أخرى ضخمة في العام المالي الحالي، ربما تكون مع قطر بمشروع في الساحل الشمالي كما أشار إليه رئيس الوزراء المصري قبل أسابيع، أو بصفقة سعودية كما تردد قبل عدة أشهر.

لكن القضية الرئيسية في ختام موازنة العام المالي الأخير هي تغول تكلفة الدين الحكومي عليها، وهو الدين العام الحكومي الذي بلغ 12.5 تريليون جنيه في نهاية يونيو/حزيران الماضي، موزعا بين: دين محلي حكومي بلغ 8.7 تريليونات جنيه ودين حكومي خارجي بلغ 79 مليار دولار تعادل 3.7 تريليونات جنيه.

ونظرا إلى بلوغ متوسط الفائدة على أذون وسندات الخزانة 26.5%، فقد بلغت مخصصات الفائدة على الدين الحكومي بالموازنة 1.346 تريليون جنيه، وبلغت أقساط الدين الحكومي المحلي والخارجي بالموازنة 1.283 تريليون جنيه، لتصل جملة تكلفة الدين الحكومي المحلي والخارجي 2.647 تريليون جنيه، وهو ما يمثل نسبة 60.5% من مجمل الإنفاق بالموازنة البالغ 4.374 تريليونات جنيه.

  7 % من الإنفاق للاستثمارات الحكومية

وهكذا لم يبق لأبواب الإنفاق الستة الأخرى سوى نسبة 39.5%، توزعت بين: 13.1% للدعم وأقساط دين هيئة التأمينات الاجتماعية و11.7% لأجور العاملين بالحكومة، و7.1% للخدمات الحكومية من مدراس ومستشفيات وطرق وبنية أساسية، و3.4% للمصروفات الأخرى التي يذهب معظمها إلى الجيش، و3.3% لشراء السلع والخدمات لإدارة دولاب العمل الحكومي بالوزارات والمحافظات ومديريات الخدمات من أدوات مكتبية ووقود وصيانة وغيرها، وأقل من 1% للمساهمات الحكومية بالهيئات الاقتصادية والعامة خاصة المتعثرة منها، وهو ما نجم عنه انخفاض فعلي عما ما تم الإعلان عنه سابقا بنسبة 15%.

والأخطر من ذلك هو استفحال مشكلة استحواذ تكلفة الدين على النصيب الأكبر من الإنفاق بالموازنة في العام المالي الحالي وما يليه، فلقد بلغ الفارق بين ختامي موارد الموازنة البالغة 2.586 تريليون جنيه واستخداماتها البالغة 4.374 تريليونات جنيه، نحو 1.788 تريليون جنيه تم اقتراضها مما زاد أرصدة الدين الحكومي، إلى جانب زيادة أسعار الفائدة على أذون الخزانة في العام المالي الحالي لتدور حول نسبة ثلاثين بالمئة مقابل 26.5% في العام المالي الأخير، مما يعني نصيبا نسبيا أكبر لتكلفة الدين من الإنفاق الحكومي في العام المالي الحالي.

ورغم أن الحكومة تستقطع من رقم القروض الجديدة ما تسدده من أقساط للديون، ليصل العجز الكلي في الموازنة إلى 504.5 مليارات جنيه وهو الرقم الذي خفضته إيرادات صفقة رأس الحكمة، فإن عدم تكرار صفقة ضخمة مشابهة يعني زيادة العجز الكلي في العام المالي الحالي، الذي كان قد بلغ 610 مليارات جنيه العام المالي الأسبق 2022/ 2023، كذلك أثر تراجع سعر الصرف في زيادة المطلوب من الجنيهات لسداد أقساط وفوائد الدين الخارجي.

والمشاكل الرئيسية التي يسببها النصيب الأكبر لتكلفة الدين من الإنفاق بالموازنة، هي صعوبة تحسين أجور العاملين بالحكومة، وخفض الدعم السلعي وتقليص دعم الصادرات، وتأخر الوفاء بمستحقات المقاولين والموردين المتعاملين مع الجهات الحكومية، وعدم استطاعة الحكومة الوفاء بما وعدت به من استثمارات حكومية في مجال الصحة والتعليم والبنية الأساسية بداية العام المالي حين وعدت بتخصيص 587 مليار جنيه، وتكررت تصريحات المسؤولين التي تتغنى بتلك المخصصات، لكنها لم تستطع سوى 318 مليار جنيه فقط، وهو تراجُع بنسبة 47%؛ مما يزيد مدة تنفيذ تلك المشروعات.

 عدم تحقق مخصصات التعليم والصحة

والنتيجة أيضا زيادة فرض الضرائب والرسوم مثلما فعلت العام المالي المنصرم، بزيادة ضريبة الدمغة وفرض رسم تنمية وزيادة ضريبة دخول المسارح والملاهي، وإلغاء الإعفاءات من الضرائب للجهات الحكومية وإلغاء الإعفاء المقرر على أذون وسندات الخزانة، وزيادة الرسوم التي تحصلها الجهات الحكومية نظير ما تقدمه من خدمات، الأمر الذي زاد رسوم تلك الخدمات بنسبة 30%، مثل زيادة رسوم الخدمات التعليمية والزراعية والجمركية والقضائية والصحية والإسكانية والبيطرية ورسوم الطرق والمواصلات وغيرها.

ورغم ذلك فلا تفي المخصصات التي تتم للجهات الحكومية المختلفة باحتياجاتها، حيث حصلت وزارة التربية والتعليم الفني على النصيب الأكبر من مخصصات الوزارات بقيمة 188 مليار جنيه، لكن نسبة 76% منها تذهب لأجور العاملين بالوزارة، وبالتالي لم يذهب للاستثمارات المعنية ببناء المدارس لتخفيف حدة تكدس الفصول سوى نسبة 11%، وحصلت وزارة الصحة على 154 مليار جنيه لكن نسبة 50% منها ذهبت لأجور الأطباء والتمريض والعمالة، بينما حصلت الاستثمارات الخاصة ببناء المستشفيات على نسبة 13.5%.

كما تشير تلك الأرقام إلى عدم صحة ما ذكره وزير المالية عند عرضه للموازنة بالبرلمان، المسجل بالصفحة 29 من البيان المالي للموازنة، من أنه قد خصص للتعليم قبل الجامعي 392 مليار جنيه، في حين أشار الحساب الختامي إلى بلوغه أقل من 188 مليار جنيه، كما تباهى بتخصيص 199.5 مليار جنيه للتعليم الجامعي وما تم بالفعل هو 112 مليار جنيه.

كما أكد تخصيص 397 مليار جنيه للصحة وما تم بالفعل هو 154 مليار جنيه، وهو ما يعني على المستوى العملي استمرار تدني مستوى الخدمات التعليمية والصحية واستمرار هجرة الأطباء، ومن ناحية أخرى عدم تحقق النسب التي أقرها الدستور للإنفاق على التعليم والصحة، وغياب الرقابة البرلمانية، إذ تكرر ذلك السيناريو في السنوات المالية الأخيرة، بحيث يمكن القول إنه لم يتم تحقق المخصصات الدستورية للتعليم والصحة منذ صدور الدستور عام 2014 وحتى العام المالي الأخير.

60>5 % lk Ykthr hgl,h.km hglwvdm go]lm hg]dk
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك