مقتطفات

رئيس الحكومة يهاجم البرلمان.. هل يرى معين نفسه ندا للسلطة التشريعية؟

عُقد، يوم أمس، في قصر المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن، مؤتمر صحفي لرئيس الحكومة اليمنية، معين عبدالملك، هاجم فيه لجنة التحقيق البرلمانية، واتهمها بالخضوع للاستقطابات السياسية، وذلك بعد نحو أسبوع من نشر تقرير البرلمان اليمني، الذي تحدَّث عن فساد الحكومة، وتورُّطها في صفقات فساد في عدد من القطاعات.

واعتبر معين عبدالملك أن ما تقوم به الحكومة هو ضرب من البطولة والشجاعة والشفافية، في معالجة القضايا والتحدّيات التي تواجهها، وأن ما يحدث هو صراع مصالح ومتنفذين، فيما يرى البرلمانيون أن هناك فسادا يصك الأنوف، وتجاوزات تستغل غياب المؤسسات التشريعية والرقابية.

وظهرت على السطح سجالات وتراشقات بين مسؤولي الدولة تكشف أن الشرعية اليمنية باتت في وضع لا تحسد عليه، وأن لا أحد بريء في هذه الدوامة، التي تعود أضرارها الفادحة لتمّس حياة اليمنيين”.

– أمر مؤسف

يقول عضو مجلس النواب، علي عشال: “إن ما تحدث به رئيس الحكومة معين عبدالملك، في مؤتمره الصحفي أمر مؤسف، وينم على عدم إدراك معين للكثير من المفردات، التي وردت في حديثه، التي كان فيها الاتهام موجه لمجلس النواب، و يطعن في شرعية اللجنة، التي شكلت لتقصي الحقائق بشأن الصفقة، التي أبرمت مع شركة NX في قطاع الاتصالات، وتشكيكه في تقرير البرلمان”.

وأضاف: “ما كان لرئيس الوزراء، وهو يعلم أن ولاية مجلس النواب ترتكز على ولاية شعبية محضة، وولاية دستورية قانونية، وولاية سياسية في ممارسة مهامه، أن يتحدث  في هذا الأمر أو يلمز أن هذه اللجنة مشكوك فيها، وهو ذاته تعامل مع ثلاث لجان برلمانية لتقصي الحقائق في قطاع النفط، وفي قطاع الجيش والأمن وجلسوا مع الوزراء، ورحبت الحكومة بتقاريرها، التي صدرت، فيما اليوم عندما جاء تقرير للجنة تقصِّي لتضع النقاط على الحروف في قضية فساد يثار، ويستدعى هذا الكم الهائل من المغالطة والركاكة للتشكيك بأن ولاية مجلس النواب لا تمتلك الحق في أن يكون لها لجنة لتقصي الحقائق”.

وتابع: “هذه الشكوك خصها معين عبدالملك لهذه اللجنة البرلمانية، لأنها أرادت أن توجّه سهام النَّقد لعمل الحكومة بشكل مباشر، وبتجاوزات حقيقية تمت في إبرام هذه الصفقة من الناحية الدستورية والقانونية، وأيضا من ناحية مراعاة مصالح البلد، وما تترتَّب عليها من أعباء مالية، وما ستضيعه على اليمن من المصالح”.

وزاد: “تحدَّث رئيس الوزراء، أمس، أن هنالك صدرا كبيرا من الشفافية، وأن مجلس الوزراء تعامل بشفافية، كيف له أن يتحدث بهذا الأمر ولدينا رسائل من وزراء حضروا اجتماعه من بينهم وزير الداخلية بأنهم صوتوا بالرفض لهذه الاتفاقية، وأن الوزراء لم يطلعوا عليها، ومنعت عنهم هذه الاتفاقية”.

وأردف: “اللجنة البرلمانية أشارت، في تقريرها، بوضوح إلى أنها عندما طلبت هذه الاتفاقية منعت منها، ولم تسلم إليها، وكما هو معروف أن لا تمنع اتفاقية، ولا تحجب معلومة إلا لأن هناك فسادا”.

وأشار إلى أن “رئيس الوزراء نسي أن لدينا قانونا في البلد، اسمه قانون حق الحصول على المعلومة، وهو قانون يتيح للمواطن العادي أن يحصل على أي معلومة بخصوص أي صفقة تُقدم عليها الحكومة”.

واعتبر أن “الخطورة في أن رئيس الوزراء أشار إلى أن عمل مجلس النواب يأتي إطار استقطاب سياسي، واتهمه بأن هناك أطرافا سياسية أو مصلحية تدفعه للقيام بواجبه وعمله”.

وقال: “رئيس الوزراء نسي أن لجنة تقصّي الحقائق البرلمانية شُكَّلت من جميع الكتل البرلمانية السياسية في البرلمان، وأن تقرير اللجنة صادر عن حالة إجماع حقيقية من كل هذه الكتل في المجلس، فـ لأي طرف تم استقطاب عمل مجلس النواب، ولأي مصلحة كما يشير رئيس الوزراء، ويتهم مجلس النواب بأنه يدور في فلك توجّه سياسي ما، أو استهداف سياسي ما؟”.

– تحت الطاولة

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: “إن في جميع نظم العالم، الحكومة ليست ندا للبرلمان كممثل للشعب، وإنما الحكومة تخضع لرقابة واستجواب ومساءلة البرلمان، ويمكن للبرلمان سحب ثقته من الحكومة”.

وأضاف: “الحكومة تعمل تحت رقابة البرلمان إلى درجة العَزل، لذا  لا يحق لأي رئيس حكومة، مهما كان محقاً، أن يجعل نفسه نداً للبرلمان، كما فعل معين عبدالملك”.

وتابع: “رئيس الوزراء، معين عبدالملك، قال في مؤتمره الصحفي إنه كان على البرلمان ألا يصدر التقرير، إلا بعد أن يسمع منه، بينما اللجنة الرقابية ذكرت أنه أعطي لها وقت محدود، في أسبوعين، ومع ذلك سعت إلى مقابلة معظم الأطراف بما فيها معين عبدالملك، وذكرت اللجنة أنه تم حجب المعلومات والمعطيات عنها، فإذا كان هناك شفافية لدى رئيس الحكومة كان عليه ألا يخفي الاتفاقية على اللجنة الرقابية، وهي صاحبة الشأن في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية بعمومها، بما فيها اتفاقية بيع شركة عدن نت لشركة مجهولة”.

وأردف: “أنا اليوم دخلت إلى جوجل للبحث عن شركة NX، ولم أجد هذه الشركة إلا كشركة خاصة بعدن نت، لكن كشركة دولية لا توجد”.

وبيّن: “عندما فكرت بريطانيا أن تبني في الاتصالات الجيل الخامس تعاقدت مع شركة هواوي، وهي شركة خاصة بأمريكا والغرب، ومع ذلك تم الضغط عليها”.

ويرى أنه “كان يفترض على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس القيادة، ألا يربطوا أنفسهم بالإمارات في جميع الاتفاقيات، حيث إن اتفاقية عسكرية مع الإمارات، واتفاقية نفطية وغازية مع الإمارات، واتفاقية اتصالات مع الإمارات، وهناك اتفاقيات غير مُعلنة مع الإمارات، فأين العالم من حولهم؟”.

وتساءل: “ألم يكن الأجدر أن تسعى الحكومة للبحث عن شركة قادرة على صناعة معدات الاتصالات، وعلى تصميم نُظم الاتصالات، وعلى تحقيق أمن الاتصالات، وليس مع شركة مجهولة لا تمتلك من الخبرات شيئا، ولا من القدرات شيئا، ولا من المال شيئا، وجاءت للتجربة عندنا؟”.

ويرى أن “ما برر به رئيس الحكومة غير منطقي بالجملة، وأنا سمعت له، وسمعت لأحمد العيسي، ويبدو أن هناك خصومة شخصية، وتنافسا على الفساد بين أحمد العيسي، ومعين عبدالملك”.

وأشار إلى أن “أحمد العيسي ذكر في اتهامه رئيس الوزراء صراحة، وبالاسم معين عبدالملك، بينما جبن معين أن يذكر اسم العيسي، وهذا يعني أن هناك تحت الطاولة أشياء تزكم الأنوف”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى