هل انتهت سنوات العسل بين المؤتمر والحوثيين وبدأت الشراكة الصورية تتمزق؟

تسارع مليشيا الحوثي خطاها لإنهاء شراكتها الصورية مع حزب المؤتمر الشعبي العام، الخاضع لسيطرتها في صنعاء، بعد أن جمعهما الانقلاب، وفرقتهما مصالح كثيرة.
القيادي لدى مليشيا الحوثي، محمد علي الحوثي، وجَّه ببيع مقرات وممتلكات حزب المؤتمر، أو ما أسماه بالنظام السابق، إضافة إلى منازل مسؤولي الحكومة الشرعية، وتحويل أموالهم إلى صندوق المعلِّم، حسب تعبيره.
تأتي هذه التطورات عقب تصريحات رئيس حزب المؤتمر في صنعاء، صادق أمين أبو راس، التي انتقد فيها امتناع مليشيا الحوثي عن دفع رواتب الموظفين. وبحسب مصادر مطلعة، فإن المليشيا تسعى للإطاحة بشركائها في قيادات المؤتمر من حكومة الانقلاب، حيث وجَّهت قيادة المليشيا رسالة للبرلمان الخاضع لها، لإعداد لائحة تتضمن إلغاء منصب رئيس الحكومة على غرار الحكم الإيراني.
– عقيدة رسّيّة
يقول عضو اللجنة الدائمة، القائم بأعمال رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام بمحافظة ريمة، الدكتور ثابت الأحمدي: “إن ما وجَّه به محمد علي الحوثي، وما تتبناه مليشيا الحوثي بشكل عام، ليس مفاجئا بالنسبة لنا، فالأمر كما يبدو الفصل الثاني من فصول تدميرها للدولة اليمنية بعد أن دمَّرت كافة مؤسسات الدولة”.
وأضاف: “مليشيا الحوثي صادرت، عقب انقلابها على الدولة، مؤسسات وممتلكات، ومقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح، وبعض الأحزاب الأخرى، وصادرت أموال حزب المؤتمر الشعبي العام قبل اليوم”.
وأوضح: “مليشيا الحوثي ربما أدركت، في وقت مؤخر، بعدما أغاضتها كلمة الشيخ صادق أمين أبو راس، أن هناك بقايا من بيوت وعقارات تجارية تريد تصفيتها بصورة نهائية، وهذه هي عقيدتها على مر التاريخ”.
وتابع: “مصادرة الأموال والممتلكات هي عقيدة هاديوية، رسية، منذ قديم الزمن، فإذا ما عدنا للتاريخ قليلا، ونستقرئ ما قالته أئمة هذه المليشيا، فإن يحيى حسين الرسي خاطب اليمنيين قائلا: إحقنوا عني دماءكم، وإن لم تحقنوها لا أبالي، وحلت لي دماؤكم بحق، وإخراج السوافل والعوالي، وقطع الزرع واستوجبتموه بما قد كان حالا بعد حالي، ويأتي بعده أحمد بن سليمان يخاطب الناس بقوله: وخرّبت أسواقا لهم وصياصيا، وأغنيت من أموالهم جل أعوامي”.
وأشار إلى أن “الإمامة القاسمية نهبت اليمنيين، لا سيما في المناطق الشافعية، بعد أن كفَّرتهم واستحلت أموالهم وأعراضهم”.
وأردف: “ما يقوم به الحوثي اليوم قام به آباؤه وأجداده في السابق، ونتذكر هنا بيت المتنبي الشهير يقول فيها:
مات في البرية كلبُ .. فاسترحنا من عواهُ
خلّف الملعون جروًا .. فاق في النبح أباهُ”.
وبيَّن: “الحوثي هو الجرو الصغير، الذي فاق إجرام آبائه وأجداده، سدنة الإمامة منذ زمن بعيد”.
ويرى أن “المليشيا تسعى لنهايتها بيدها، فالمزيد من الإجرام والطيش يعجل بسقوطها، وكل اليمنيين في نظر المليشيا أعداء، سواء المؤتمر أو الإصلاح أو الاشتراكي أو الناصري أو غيرهم”.
– عقلية المليشيا
يقول المحلل السياسي، د. محمد جميح: “إن ما يجري في صنعاء هو أمر مرتبط بعقلية مليشيا الحوثي، التي ترى أن أموال المعارضين أو المخالفين لها حلال لها وغنيمة، وقد ذكر وشهد على ذلك التاريخ، وهي تسير على هذا المنوال”.
وأضاف: “مليشيا الحوثي أرادت، من خلال تغريدة القيادي في المليشيا، محمد علي الحوثي، أن ترد على صادق أمين أبو راس، الذي طالب بمطالب موضوعية وحقيقية، إذ قال فيها إن الراتب في الأصل هو من مسؤولية السلطة الحاكمة”.
وتابع: “حتى في القوانين الدولية إذا وجدت سلطة أجنبية احتلت بلدا ما، وأزاحت سلطته الوطنية، فإن سلطة الاحتلال تتحمل كافة واجبات السلطة المحلية”.
واستطرد: “سلطة مليشيا الحوثي هي من تتحمل كافة الواجبات والحقوق، سواء خدمات أو مرتبات أو غيرها، لكن المليشيا أرادت أن ترد على خطاب المؤتمر بصنعاء – وهو أول خطاب على مستوى قيادي في المؤتمر- بالتهديد بسلب الممتلكات، وستقوم بذلك”.
ولفت إلى أن “المليشيا -بحُجة الراتب- سيطرت على أشياء كثيرة، ففي 2018م، طرحت مسألة أن تورد إيرادات ميناء الحديدة إلى حساب خاص لصالح المرتبات مقابل أن تقف معركة الحديدة، فأين ذهب هذا الحساب الخاص؟”.
وأفاد بأن “الخبراء الأمميين قالوا إن مليشيا الحوثي سيطرت على المليارات التي دفعت إلى الحساب الخاص بدفع الرواتب، وتريد اليوم فتح حساب خاص آخر لممتلكات المواطنين والمسؤولين السابقين، في المؤتمر أو غيره، باسم حساب خاص لصرف المرتبات، ومع ذلك لن تصرف؛ لأن صرفها للمرتبات سيسقط الكثير من دعواها بأن الموارد لا تكاد تغطي نفقات الحرب، وخصوصا بعد توقف الحرب”.