“نقرة الشبح”.. والسطو على حسابات المصريين واختراق منصات البيع الإلكتروني
“يمكنك الشراء وأنت في بيتك والتوصيل مجانا”.. تحت هذا الشعار وغيره توسع سوق التجارة الإلكترونية في مصر بشكل لافت في السنوات الأخيرة وسط حالة من الجدل والمخاوف بشأن تأمين عمليات الشراء وسرقة البيانات في غياب قوانين واضحة تواكب التطور المتلاحق على مختلف منصات الشبكة العنكبوتية.
وحسب تقرير للجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب فإن 67% من المصريين يتسوقون إلكترونيًا، “وهو ما يستوجب حمايتهم بتشريعات مستحدثة”، ويحذر التقرير من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد مع تزايد الاحتيال وانتشار المتاجر المزيفة.
وحسب جهاز حماية المستهلك ارتفع حجم التجارة الإلكترونية في مصر من 93 مليار جنيه (1.84 مليار دولار) عام 2021 ليصل إلى 121 مليار جنيه (نحو 2.4 مليار دولار) في 2022.
وذكر عمر الصاحي، مدير شركة “أمازون” في مصر، أن حجم التجارة الإلكترونية في مصر وصل إلى 9 مليارات دولار في عام 2024، متوقعًا أن تصل إلى 18.5 مليار دولار في 2029.
إيجابي وسلبي
قال جمال زكي، محاسب بوزارة الصحة، للجزيرة مباشر، إن تجاربه المتعددة مع التسوق عبر الإنترنت كانت إيجابية للغاية.
بينما ذكر مجدي عنان -معلم لغة إنجليزية- أنه تعرض للاحتيال مؤخرًا، حيث اكتشف أن الهاتف الذي اشتراه بمبلغ تجاوز 25 ألف جنيه (نحو 500 دولار) لم يكن إلا صندوقا يحتوي على “إكسسوارات للهاتف” لا يزيد ثمنها عن ألفي جنيه (نحو 40 دولارا).
حملات توعية بلا فائدة
من جانبه، رفض عاطف عبد المعز، الخبير القانوني بجهاز حماية المستهلك، الاتهامات بالتقاعس عن التصدي لعمليات الاحتيال التي تتم عبر الإنترنت، قائلا للجزيرة مباشر إن الجهاز يتابع يوميا مئات الشكاوى، لكنه في الوقت ذاته أكد ضرورة تغليظ عقوبات الاحتيال لتواكب التقنيات الجديدة.
كما حمّل عبد المعز أيضا المستهلك المسؤولية الأكبر في الوقوع بشباك المنصات الإجرامية، وقال إن حملات التوعية “تبدو بلا فائدة لدى البعض” في مواجهة ما سماه “غول التجارة الإلكترونية”.
وحول تشديد القوانين أكد عبد المعز أن التجارة الإلكترونية عبر منصات مزيفة طالت مجالات حيوية مثل الأدوية والترويج لمنشآت طبية تفتقر للكفاءة، وتنتهي بعملية تضليل واسعة.
وأضاف أن نصوص القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات غير كافية، وهو ما يجعل المستهلك فريسة سهلة للمنصات والحسابات المزورة، كما أن أحكام قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 تتطلب التحديث.
نصائح مهمة
شدد عبد المعز على عدد من النصائح للمستهلكين، أبرزها:
(1) عدم الانسياق وراء الإعلانات الوهمية أو التعامل مع المنصات التجارية غير المعتمدة.
(2) التأكد من بيانات المنتج، وخصوصا مصدره وخصائصه، وكيفية استعماله، وسعره، والمبالغ كافة التي تضاف للثمن من رسوم وضرائب ومصاريف الشحن، بالإضافة للضمان الذي يقدمه الموقع العارض للمنتج وخدمات ما بعد البيع وتاريخ التسليم.
(3) المراجعة لبيانات التعاقد وتأمين بطاقات الائتمان.
(4) إصدار فواتير ضريبية توضح كافة بيانات السلعة وخصائصها، وضرورة الالتزام بسياسة الاستبدال والاسترجاع الموضحة بالقانون.
وجود الوكيل
يرى علي صبيح -تاجر هواتف- أن التجارة الإلكترونية أنعشت المبيعات، لكنها برأيه تحتاج إلى الضبط، مشيرا إلى أن التعامل من خلال بنوك وشركات تحويل أموال معتمدة يوفر ضمانة مهمة.
وقال صبيح للجزيرة مباشر إن الأهم للمستهلك هي التحقق من وجود فرع أو مركز توزيع أو وكيل للمنتج داخل الأراضي المصرية، مشيرًا إلى أن كلمات المرور التي يرسلها البنك للمستهلك تستخدم مرة واحدة وعلى المشتري التيقن من إجراءاته.
نقرة الشبح ـ Ghost Tap
حذر خبير أمن المعلومات بالجهاز القومي للاتصالات مجدي الهنداوي من تعثر التحول الرقمي، قائلا إن شعار “السيستم واقع” [النظام لا يعمل] يجب أن يختفي، في إشارة إلى تعذر استخدام بعض التطبيقات بسبب ضعف خدمات الإنترنت.
واعتبر الهنداوي أن القلق بشأن الأمن السيبراني له ما يبرره، مؤكدا أن منظومة التكنولوجيا تحتاج للتطوير، وخصوصا مع تعثر بعض عمليات التسوق لضعف الشبكات، لكنه لفت إلى تراجع معدلات الشكوى من سرقة البيانات المصرفية بسبب إجراءات حماية جيدة اعتمدتها البنوك والشركات الوسيطة لتحويل الأموال.
وأكد الهنداوي أن جهاز حماية المستهلك تلقى 32 ألف شكوى تتعلق بالتجارة الإلكترونية خلال عام 2024 كان معظمها يتعلق بعيوب صناعة وتأخير في الاستلام.
لكن المشكلة الأخطر التي تهدد السوق المصرية كغيرها هي ما يُسمى “نقرة الشبح” (Ghost Tap) التي يمكن من خلالها السطو على الحسابات ومنصات البيع.
وأوضح الهنداوي أن النوع الأحدث من هجمات “نقرة الشبح” يقوم باستنساخ البطاقات المرتبطة بخدمتي “Google Pay” و”Apple Pay” لتبدأ عمليات السحب من أرصدة الضحايا.
ويشير الهنداوي إلى أن وحدة تعطيل عمليات الاحتيال في مدفوعات شركة “فيزا” واجهت عمليات استرجاع متزايدة للمشتريات بسبب قرصنة مواقع تسوق إلكتروني تابعة لها خلال عام 2024.
اقتصاد غير رسمي
تُشير تقديرات جمعية خبراء الضرائب إلى أن 60% من التجارة الإلكترونية تندرج ضمن الاقتصاد غير الرسمي.
وكشفت الجمعية عن اتفاق مع شركتي “جوجل” و”أمازون” لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بواقع 14% فضلا عن اتفاقات مع شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “يوتيوب” و”فيسبوك” و”إكس”.
وأنشأت مصلحة الضرائب وحدة للتجارة الإلكترونية، لكن حصيلة هذه الوحدة منذ تأسيسها لم تتجاوز نصف مليار جنيه (نحو 9.9 ملايين دولار) طبقا للبيانات الرسمية.
هذا في الوقت الذي بلغ فيه عدد المتسوقين عبر الإنترنت 2.71 مليار شخص على مستوى العالم عام 2024، ومن المتوقع أن يصل حجم التجارة الإلكترونية إلى 8 تريليونات دولار بحلول عام 2027.
