ظلال الاخبار

مصر: جدل بشأن قانون “تقنية المعلومات” بين مكافحة الجرائم وتقييد الحريات

0:00

تحت شعار محاربة الشائعات والابتزاز الإلكتروني، تحركت الحكومة المصرية لتغليظ العقوبات في قانون “تقنية المعلومات” وسط حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) والسياسيين والحقوقيين، الذين رأوا في الأمر توجها نحو فرض مزيد من القيود على تدفق المعلومات، بينما دافع آخرون عن ضرورة التصدي لـ”محاولات زعزعة الاستقرار”.

ومع الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف المجالات في مصر، جاء التحرك “لضبط الأمور” حسب تعبير البيان الحكومي الموجه إلى مجلس النواب، الذي يوضح أن الجريمة الإلكترونية تتنوع وتشمل نشر الشائعات والابتزاز الإلكترونى إضافة إلى السب والقذف.

وهوَّن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة من تخوفات حقوقيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي من وجود توجه لفرض قيود إضافية على حرية التعبير، وقال إن “مصر تواجه سيلا من الشائعات والأكاذيب المغرضة”.

وجاء في مشروع القانون أن “تعقب مطلقي الشائعات وتغليظ العقوبات مسألة لا غنى عنها”.

وحسب تقرير لمجلس الوزراء، فقد تصاعد انتشار الشائعات بشكل كبير خلال السنوات الماضية، موضحا أن 24% من الشائعات خلال عام 2023 كانت عن الاقتصاد والظروف المعيشية، بينما جاءت شائعات الدعم والتموين في المركز الثاني بنسبة 21.2%.

ورأى رئيس لجنة الاتصالات والمعلومات بمجلس النواب أحمد بدوي أن تعديلات قانون تقنية المعلومات على درجة كبيرة من الأهمية، خصوصا أن قوانين “وسائل التواصل الاجتماعي” تحتاج إلى تحديثات وإضافات.

ولفت بدوي في تصريح للصحف المحلية إلى أن السلطات رصدت “14 مليون حساب غير حقيقي” على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية عام 2024، معلنا عن تحرك باتجاه آخر لاعتماد 5 مليارات جنيه لتغطية كل شبر فى مصر بالاتصالات.

وتحت شعار “اتحقق قبل ما تصدّق”، أطلقت هيئة الاستعلامات الحكومية حملة واسعة بدعم من خطباء المساجد في محاولة لمواجهة ما تصفة بسيل الشائعات الكاذبة.

 

 

وقالت الباحثة الإعلامية نسرين كامل للجزيرة مباشر، معلقة على تلك الحملات، إن “المواقع الحكومية التي تنشر أرقاما غير واقعية عن معدلات التنمية واستقرار الأسعار هي الأولى بالمحاسبة عن نشر الشائعات”. لكن الصحفية سحر عبد الرحيم بهيئة الاستعلامات ترى أن الشائعات أخطر من الحروب.

 

 

لماذا تنتشر الشائعات؟

في المقابل، يقول ياسر أبو المكارم، أستاذ الاتصال بجامعة رويال رودز في كندا، للجزيرة مباشر إن انتشار الشائعات في مصر يرجع إلى استمرار “سياسة التعتيم الإعلامي التي تمارسها الحكومة بحيث اقتصر دور الإعلام التقليدي على تمرير المعلومات التي يسمح بها النظام”.

وربط الخبير الإعلامي صعوبة الحصول على المعلومات التي تهم المواطن بزيادة الاعتماد على شبكات التوصل الاجتماعي، وأضاف “تشير المعلومات إلى أن عدد المصريين الذي يستخدمون فيسبوك قد وصل إلى 45.4 مليون مستخدم في يناير (كانون الثاني) 2024”.

كما ذهب أبو المكارم إلى أن ما يجري هو تجريم الرأي السياسي بوصفه جزءا من الشائعات، موضحا أنه “لا يوجد لبس في التعريف العلمي للشائعة بأنه ’إنتاج أو إعادة إنتاج للمعلومات بشكل منقوص أو مغلوط بهدف تضخيم هذه المعلومات أو التقليل من أهميتها لأهداف سياسية أو اقتصادية أو إعلامية‘”.

وفي هذا السياق، تكمن -برأيه- خطورة القانون “لكونه يقدّم تعريفات مطاطية عن المواقع الإلكترونية والمحتوى بحيث يمكن بسهولة تجريم الحسابات الشخصية”.

كما يرى عضو حزب الدستور والحركة المدنية الديمقراطية عبد الناصر أبو سيف في حديثه للجزيرة مباشر أن هناك توجها حكوميا لتقييد حرية التعبير ومنع تدفق المعلومات، محذرا من خطورة ذلك وأنه يؤدي إلى نشر المزيد من الشائعات.

ورأى أبو سيف أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت هي المتنفس الوحيد حاليا للكثيرين، وقال إن الهدف المعلن هو حماية القيم والتصدي للجريمة الإلكترونية لكن المقصود هو “فرملة التفاعل الهائل للمصريين على الشبكة العنكبوتية ومنع انتشار أي دعوات للتغيير”، على حد تعبيره.

وطبقا للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، فقد صنع المصريون في شهر رمضان الماضي فقط 28 مليون فيديو قصير، و10 ملايين ساعة محتوى بزيادة تُقدَّر بـ41% مقارنة بشهر رمضان 1444هـ (عام 2023).

وتحدَّث الجهاز عن استخدام المصريين للإنترنت في صيف عام 2022، إذ بلغ عدد صانعي مقاطع الفيديو القصيرة 18.4 مليون، وبلغت ساعات مقاطع الفيديو 4.4 ملايين ساعة بزيادة 69% عن صيف 2021، كما بلغ عدد الأشخاص الذين بثوا فيديو مباشرا نحو 18.4 ألف صانع فيديو، وبلغ عدد ساعات البث المباشر 3400 ساعة يوميا بزيادة تصل إلى 65% مقارنة بصيف 2021.

gh 1735663341

الابتزاز الإلكتروني

ويتفق محمد الغول -محاسب بوزارة السياحة- مع التوجه الحكومي لتشديد العقوبات، ويحكي للجزيرة مباشر عن تعرّضه لابتزاز إلكتروني من خلال حساب اكتشف لاحقا أنه مجهول، هدده بنشر صور خاصة له ولعائلته تم الوصول إليها عبر روابط سريعة ووعود بمكاسب ومراهنات.

ويعترف الغول بالخطأ من جانبه، لكنه يرى أن الحماية الحكومية باتت ضرورية. لكن مجدي حامد -مهندس بحي الوراق بمحافظة الجيزة جنوب القاهرة- يرفض أي تضييق على حرية التعبير حتى لو جاء تحت شعار حماية المجتمع، على حد قوله للجزيرة مباشر.

وفي اتجاه آخر، يربط يوسف حمدي -صانع محتوى- التحرك الحكومي بما يسميها إرادة حقيقية لتقييد حرية التعبير، لكنه يعترف للجزيرة مباشر بوجود سيل من المعلومات والمقاطع المصورة والابتزاز على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن ذلك لا ينبغي أن يكون مبررا للعقوبات. ويشير حمدي إلى أنه يقدّم محتوى تثقيفيا عن الآثار، لكنه يخشى تجريم المحتوى.

ويقول المحامي المتخصص في جرائم الإنترنت أشرف خليل للجزيرة مباشر إن العقوبات الواردة بالقانون 175 لسنة 2018 لم تعد تناسب التطبيقات، مضيفا أن بعضها يمثل خطرا حقيقيا على القيم، ويؤكد تأييده حظر العملاق الرقمي تيك توك “باعتباره أصبح بابا واسعا لنشر الرذيلة”، على حد تعبيره، قائلا إن وزارة الاتصالات أمهلت التطبيق 3 أشهر لتنقيح المحتوى.

ونفى خليل أن تكون تلك النصوص بابا للتضييق على حرية التعبير، ورأى أن النص على “سلامة المجتمع والأمن القومي جاءت في مكانها وزمانها”.

ورفض الخبير الإعلامي ياسر أبو المكارم إلقاء المسؤولية الجنائية على مستخدمي شبكات التواصل بوصفهم “مديري مواقع إلكترونية”، كما رفض تجاوز النصوص القانونية لجرائم النصب والاحتيال واتتهاك الخصوصية إلى تقييد حرية التعبير وفتح باب السجن المشدد بتعبيرات فضفاضة مثل “الإخلال بالنظام العام، وتعريض أمن المجتمع للخطر، والإضرار بالأمن القومي”.

ودخلت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الخط، ونجحت قبل أيام في اعتماد اتفاقية دولية لمواجهة الجريمة الإلكترونية التي تُرتكب عبر ما سمّته “الإنترنت المظلم”، وقالت إن هذه الجرائم تمثل “تجارة تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات” تشمل المخدرات والأسلحة والإرهاب والاحتيال، مؤكدة أن هذه المعاهدة تمثل “التوازن الحساس بين الأمن وحقوق الإنسان”.

lwv: []g faHk rhk,k “jrkdm hglug,lhj” fdk l;htpm hg[vhzl ,jrdd] hgpvdhj
اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي
زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم ارزقني حسن الخاتمة