ظلال الاخبار

لماذا وافق نتنياهو على الهدنة الآن؟

0:00

|

مع الإعلان رسميا عن توقيع اتفاق “هدنة”، لوقف إطلاق النار، تمهيدا لإنهاء الحرب في قطاع غزة.. سقطت كل أوهام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، التي رفعها وأعلنها، أهدافا لحربه الوحشية، على الشعب الفلسطيني، في القطاع. فالنصر الحاسم، أو التام، بتدمير قدرات حركة حماس، وسحقها، ومحوها، لم يحدث، مثلما لم يستطع اجتثاث فكرة المقاومة، ثم لم يفلح في تحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية واستعادتهم. لعله الآن حائر فيما سيقوله للجمهور للتدليل على النصر الذي لم يحققه على المقاومة الفلسطينية في غزة.

الإيمان والصلابة.. والحاضنة الشعبية

كما لم ينجح نتنياهو (وجيشه الخامس عالميا)، في إنجاز أهدافه الخفية، بتهجير سُكان القطاع، تحت النار، وبأسلحة التجويع والتعطيش، والتشريد، والحرمان من الدواء وعلاج الجرحى والمرضى، وكل الوسائل المعينة، والمُساعدة على استمرار الحياة. وممارسة حرب إبادة متوحشة، بإعمال المجازر، والمحارق، وقتل وجرح نحو 155 ألف فلسطيني، وتدمير المساكن، والمشافي، والمدارس، والمساجد، والمواقع الأثرية، والبنية التحتية، وتخريب كل عمران، وتشريد السكان (مليوني إنسان). فالشعب الفلسطيني بالعموم يتحلى بالإيمان، والصبر، والصلابة، والعزيمة القوية، والقدرة غير العادية على تحمل الصعاب، وهو تواق للحرية، ويضحي من أجلها. لذا، فقد مُنيت الخطط الإسرائيلية، لاستثارة الشعب الفلسطيني في القطاع، للتمرد على فصائل المقاومة، بُغية تجريد المقاومة من “الحاضنة الشعبية”، التي تُعد السياج الحامي، لأي مقاومة مسلحة، أو حتى جيش نظامي، مُنيت تلك الخطط بالفشل.

مُحاكاة حرب المُدن في النقب

لقد نجح الاحتلال، في اغتيال العديد من قيادات الحركة، أمثال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، وخليفته يحيى السنوار، الذي استشهد، وهو يقاتل، ونائبه صالح العاروري، وغيرهم. لكن المقاومة لم تنكسر، أو تستسلم، أو تلين.. بل إن فصائلها المسلحة تعاونت، وتنافست في نصب الكمائن المركبة، وإلحاق أكبر قدر من الخسائر بجنود الاحتلال. واستمر الأداء البطولي للمقاومة على وتيرته دون تراجع رغم الظروف المعيشية القاسية، والحصار، ونقص السلاح. فالأيام الثلاثة الأخيرة وحدها، شهدت مقتل نحو 25 إسرائيليا، وجرح العشرات، فضلا عن المركبات والدبابات والآليات. وفشلت قوات الاحتلال طوال 15 شهرا، في تحقيق إنجاز عسكري يُذكر رغم الدعاية الإسرائيلية، التي صدعت رؤوسنا عن مُحاكاة حرب المدن (على غرار غزة)، في صحراء النقب.

الأنفاق.. وأماكن احتجاز الأسرى

ولم يكتشف هذا الجيش “الأنفاق”، رغم إمكاناته الفريدة، مما أنتجته تكنولوجيا التجسس، ورغم تحليق طائراته، ومُسيّراته على غزة طوال الوقت، فضلا عما توفره الأقمار الصناعية والعون الاستخباري الأمريكي البريطاني. وحالفه الفشل في خطة إغراق الأنفاق بمياه البحر، حيث تبين أنها أفكار نظرية، لا تصلح للتطبيق على أرض الواقع، في ظل الجهل بمكونات هذه الشبكة المُعقدة من الأنفاق، ومساراتها الخفية. وإذا كان الجيش الإسرائيلي، قد اكتشف نفقا أو أنفاقا هنا أوهناك، فإنها ليست ذات أهمية كبرى، ولا تصل نسبة المكتشف منها إلى 5% من هذه الشبكة السرية. تماما مثلما، فشلت كل الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية والغربية في تحديد أماكن احتجاز الأسرى الإسرائيليين باستثناءات محدودة جدا، خسرت فيها إسرائيل من جنودها وأسراها أكثر مما كسبت، وحررت.

نزع سلاح حماس.. ومحاور نتساريم وفيلادلفيا

لا تتوقف الإخفاقات الإسرائيلية عند هذا الحد. فها هو نتنياهو يتجرع السُّمّ، مع حكومته صاغرين، بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس التي تعهد بالقضاء عليها، أو نزع سلاحها وطردها من القطاع في أسوأ الحالات، ويضطر إلى قبول الانسحاب من القطاع، ومعبر رفح، ومحاور فيلادلفيا (صلاح الدين)، ونتساريم الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها. وذلك بعدما كان يعلن يوميا أن جيشه لن ينسحب منها، ولن يترك هذه المحاور، ولا المعبر، بل كان يترك للوزراء المتطرفين في حكومته، مهمة الإعلان عن عزم الحكومة الإسرائيلية إقامة مستوطنات في غزة بعد تهجير سُكانها. وأخفق نتنياهو في تنصيب حاكم عسكري إسرائيلي للقطاع، ولم تظفر مشاريعه لليوم التالي في غزة برؤية النور، فاتفاق وقف إطلاق النار جاء خاليا من تحديد شكل قاطع للحكم في القطاع، بعد انسحاب الاحتلال منه.

ترامب.. واليمن

لماذا وافق نتنياهو على ما كان يرفضه طوال 15 شهرا لوقف الحرب، في حين ظلت حماس متمسكة بشروطها؟

هناك العديد من العوامل الضاغطة على نتنياهو وحكومته. أولها، أنه فشل على مدار 465 يوما في إنجاز “أهدافه”، المُعلن منها والخفي. ثانيها، تزايد أعداد القتلى من الجنود والضباط ولا سيما أن كتائب القسام وفصائل المقاومة، تبادر إلى تغيير وتبديل وابتكار أساليب جديدة في الهجوم والقتال والكمائن وغيرها. ثالثها، أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ليس مثل المُغادر جو بايدن، في الاستسلام والخضوع لنزوات نتنياهو؛ إذ ينشغل ترامب بما هو أهم من ولع الأخير بالحرب، ومن ثم فإنه كان حاسما في الضغط لتمرير الاتفاق.

الصواريخ اليمنية

رابع العوامل، هو اليمن الذي صار مشكلة معقدة تؤرق إسرائيل وأمريكا وبريطانيا، بعدما فشلت غاراتهم (200 غارة تقريبا) عليه في تغيير مسلكه، أو صرفه عن إسناد غزة. حتى إن لسان حال نتنياهو يقول للإسرائيليين: لقد تنازلنا عن غزة، لتأمين تل أبيب من الصواريخ الباليستية، التي تؤرق مضاجع ملايين الإسرائيليين، بشكل شبه يومي. خامسها، هو إنقاذ ما بقي من الأسرى الإسرائيليين، قبل ان يلحقوا بأقرانهم الذين قتلهم القصف الجوي لغزة.

القتل والدمار والخراب، الذي لحق بقطاع غزة، هو للأسف من نتاج الحروب، لكن ليس هناك شعوب تتحرر إلا بالمقاومة المُسلحة للاحتلال، وكُلفة في الدماء والعمران. لكنها تنتصر دائما، وهكذا الشعب الفلسطيني في غزة، لم ينكسر، وحال دون تحقيق نتنياهو لأهدافه.

المجد للمقاومة، ورحم الله شهداء غزة، وكتب الشفاء العاجل لجرحاها.

glh`h ,htr kjkdhi, ugn hgi]km hgNk?
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق
زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت