عشرات القتلى في هجمات الدعم السريع على قرى بولاية النيل الأبيض
خلَّف هجوم لقوات الدعم السريع على عدد من القرى بمحلية الجبلين في ولاية النيل الأبيض جنوبي السودان عشرات القتلى وآلاف النازحين في مناطق الشُّرّاك وأم القرى والتبون وجودة وبعض القرى الرعوية والزراعية الصغيرة.
وقال حماد إبراهيم، أحد الذين أجلوا الجرحى والضحايا من محلية الجبلين، للجزيرة مباشر إن هجومًا وقع يوم 6 من يناير/كانون الثاني الجاري، عندما ذهب بعض المواطنين من منطقة أم القرى بمحلية الجبلين لجلب بعض المحاصيل من مزارعهم.
وأضاف إبراهيم أنهم استُدرجوا إلى كمين أعدَّه مسلحون على دراجات نارية عند الساعة الثامنة والنصف صباحًا، ولم ينجُ منهم أحد.
عشرات القتلى والمفقودين
وأضاف إبراهيم أن عدد القتلى في الهجوم بلغ 39 شخصًا، لحق بهم 4 أشخاص عُثر عليهم قتلى في بعض المناطق في اليوم التالي، في حين لا يزال 17 شخصًا في عداد المفقودين، بينما يُعتقد أن قوات الدعم السريع أخذت 4 أسرى.
وأوضح إبراهيم أن الأهالي اضطروا إلى النزوح من قرى التبون وأم القرى والشراك وأبو عريف، ولم يتمكنوا من حصد محاصيلهم الزراعية.
ووصف إبراهيم الوضع في هذه المناطق بالمأساوي مع غياب المنظمات الإنسانية، ونزوح الأهالي إلى المناطق المتاخمة للنيل، مشيرًا إلى أن المنطقة كانت تؤوي بعض النازحين من مناطق أخرى مثل الدالي والمزموم وجبل موية وأبو عِريف.
هجوم عنيف
وقال جودة يونس، الذي شهد لحظة الهجوم على منطقة جودة، للجزيرة مباشر إن القوة المهاجمة من الدعم السريع كانت تستخدم دراجات نارية وعربات دفع رباعي مسلحة بمدفع ثنائي ومدافع رشاشة، وإنها نفذت الهجوم نحو الساعة السادسة صباح الأحد 5 من يناير الجاري، ما نتج عنه مقتل 12 فردًا.
وأوضح يونس أن الهجوم نتجت عنه أيضًا خسائر مادية في منطقة التبون، حيث تعرَّض الأهالي للتشريد ونُهبت ممتلكاتهم من الآليات الزراعية والسيارات الصغيرة وعربات الشحن والمحاصيل الزراعية والأموال.
وأشار إلى أن الأفراد غير المسلحين الذين كانوا مرافقين للقوة المهاجمة كانوا بعدد كبير بغرض النهب، مؤكدًا أن القوة المهاجمة كانت لا تميز بين مَن هو مدني ومَن هو مقاتل وعسكري، وهاجمت الجميع.
نزوح نحو جنوبي السودان
وأوضح يونس أن جميع الأهالي في منطقة التبون نزحوا نحو منطقة أعالي النيل بجنوب السودان.
كما ناشد يونس المنظمات الإنسانية التدخل العاجل لرعاية اللاجئين المتضررين من الحرب، مشيرًا إلى أن الوضع الإنساني للأهالي “يفتقد أدنى معايير الحياة الكريمة”، وأن جميع الأهالي الذين غادروا نحو دولة جنوب السودان لا يجدون الحد الأدنى للرعاية من المنظمات الإنسانية.
وروى عثمان آدم، أحد الناجين من هجوم قوات الدعم السريع، أنه تعرَّض مع مجموعة من المواطنين من منطقة التبون عصر يوم الأحد لهجوم من الدعم السريع بدراجات نارية وسيارات قتالية.
وأكد آدم أن الهجوم أسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصًا، إضافة إلى عدد من المفقودين لم يتم حصرهم حتى الآن، مع نزوح أكثر من 13 ألف شخص إلى دولة جنوب السودان.
وأوضح آدم أن القوة المهاجمة سلبت محاصيلهم الزراعية وسياراتهم وأموالهم وممتلكاتهم، وأنهم ما زالوا يشعرون بالخوف، لأن القوة التي هاجمتهم لم تغادر بعيدًا.
وأكد آدم أن الأهالي يعيشون في وضع إنساني معقد، ويبحثون عن الغذاء والمأوى.
خوف وهلع
وقال المكاشفي مختار، أحد شهود العيان، إن سكان منطقة الشرّاك ما زالوا يشعرون بالهلع الشديد منذ وقوع الهجوم من قوات الدعم السريع.
وأوضح مختار أن أفرادًا من الدعم السريع كانوا على متن دراجات نارية اشتبكوا مع ركاب سيارتين من الأهالي قبل وصول المزيد من سياراتهم.
وتابع قائلًا “حين تحركت بعض السيارات لإنقاذ السيارتين اللتين خرجتا من القرية، تعرضت لكمين محكم من جانب قوات الدعم السريع، نتج عنه عدد كبير من الضحايا”.
عقوبات على الدعم السريع
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت، الثلاثاء، فرض عقوبات على محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في السودان.
واتهمت واشنطن قوات الدعم السريع، التي تخوض حربًا ضد الجيش في السودان منذ عام 2023، بارتكاب جرائم “إبادة جماعية” في إقليم دارفور، والقيام بشكل “منهجي” باغتصاب نساء وقتل رجال لانتمائهم الإثني.
وأسفرت الحرب عن مقتل آلاف السودانيين ونزوح أكثر من ثمانية ملايين داخليًّا، مما جعل البلاد مسرحًا لأكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 30 مليون سوداني، أكثر من نصفهم من الأطفال، بحاجة إلى المساعدة بعد 20 شهرًا من الحرب.