سجن عوفر.. معتقل محصن وشاهد على صفقات التبادل والصراع المستمر
يُعد سجن عوفر أحد أكبر وأشد المعتقلات الإسرائيلية حراسة في الضفة الغربية، ويحتجز داخله مئات الأسرى الفلسطينيين، بينهم قيادات بارزة وناشطون من مختلف الفصائل، إضافة إلى معتقلين إداريين بدون محاكمة.
وشكل سجن عوفر محورًا أساسيًا في صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، نظرًا لأنه يضم عددًا كبيرًا من الأسرى المستهدفين في المفاوضات.
الموقع
يقع سجن عوفر جنوبي بلدة بيتونيا القريبة من رام الله، وهو المعتقل الوحيد في الضفة الغربية الذي يخضع لإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية (الشاباص). وقد أطلق الفلسطينيون عليه سابقًا اسم “سجن بيتونيا”، ويعد أحد أكبر السجون الإسرائيلية، حيث يتسع لحوالي 1200 أسير أمني.
التأسيس والتاريخ
أقيم السجن على موقع قاعدة عسكرية أردنية سابقة، وبعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، أنشأ الجيش الإسرائيلي قاعدة عسكرية في الموقع عُرفت باسم “معسكر عوفر”.
وفي عام 1988، افتتح الجيش الإسرائيلي المعتقل خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، لكنه أُغلق عام 1995 بعد اتفاقيات أوسلو. ومع انطلاق عملية “الجدار الواقي” في مارس/آذار 2002، أعيد افتتاحه ليصبح أحد المراكز الرئيسية لاحتجاز الفلسطينيين.
وفي عام 2006، تم نقل مسؤولية السجن من الجيش الإسرائيلي إلى مصلحة السجون (الشاباص)، ليشهد بعدها عمليات تطوير واسعة، تضمنت استبدال الخيام بأجنحة خرسانية، وإقامة جدران أمنية بدلًا من الأسلاك الشائكة، وتعزيز الإجراءات الأمنية بشكل متقدم.

عمليات الهروب والتدابير الأمنية
شهد السجن عدة محاولات هروب لافتة، حيث نجح سجينان في يناير/كانون الثاني 2003 بالفرار عبر إحداث فتحة في الأسلاك الشائكة مستغلين الضباب الكثيف، ما دفع الإدارة إلى تشييد جدار خرساني حول المعتقل.
وفي 12 مايو/أيار عام 2003، تمكن 3 أسرى، هم: أمجد الديك، ورياض خليفة، وخالد شنايطة، من الهرب عبر حفر نفق داخل السجن. وعقب هذه الأحداث، تم اتخاذ تدابير أمنية أكثر صرامة، مثل بناء جدران خرسانية جديدة، وإنشاء أبراج حراسة وأنظمة مراقبة متطورة.

التطورات العمرانية وظروف الاحتجاز
في بداياته، كان المعتقل يضم خيامًا عسكرية لإيواء الأسرى، محاطة بثلاثة أسوار من الأسلاك الشائكة لمنع محاولات الفرار. لكن مع ازدياد عدد الأسرى، بدأت عمليات التوسعة عام 2009 بإقامة 4 أقسام خرسانية بدلًا من الخيام، وتبع ذلك إنشاء أجنحة حديثة في عام 2010.
كما بُني سور جديد مزود بأبراج مراقبة وأقسام لتدريب الكلاب البوليسية، مما عزز مستوى الأمن في السجن ليصبح أحد أكثر المعتقلات الإسرائيلية تشديدًا.
وفي عام 2021، وبناءً على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية حول ظروف المعيشة والاكتظاظ في السجون، تقرر توسعة سجن عوفر عبر إضافة أجنحة جديدة وتجديد الأجنحة القديمة، مع اعتماد نظام التجميع القتالي في المنشآت التابعة لجهاز الشاباك. كما يضم المعسكر محكمة عسكرية تابعة للنيابة العسكرية في الضفة الغربية.
بدعم ومباركة بن غفير.. مشاهد توثق تنكيل جنود الاحتلال بأسرى فلسطينيين داخل سجن عوفر في صباح الذكرى السنوية لـ #طوفان_الأقصى #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/LX7RG7PeVf
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) October 9, 2024
حالات الوفاة داخل السجن
شهد سجن عوفر عدة حوادث استشهاد نتيجة الإهمال الطبي أو إطلاق النار المباشر، أبرزها في 7 يوليو/تموز عام 1990 عندما استشهد الأسير صبري منصور عبد ربه برصاص أحد الحراس أثناء محاولته الهرب.
وفي عام 2020 استشهد الأسير داود طلعت الخطيب نتيجة الإهمال الطبي داخل السجن.
ويعد سجن عوفر أحد أكثر المعتقلات الإسرائيلية تحصينًا في الضفة الغربية، ويمثل رمزًا لسياسة الاعتقال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، حيث يضم مئات الأسرى الذين يعانون من ظروف قاسية، وسط استمرار عمليات التوسعة والتشديد الأمني.