“ايزفينت” جامعة القاهرة تنجح في إنتاج أول جهاز تنفس صناعي مصري يحصل على الترخيص التجاري
أعلنت جامعة القاهرة – ممثلة في كلية طب قصر العيني – عن حصول أول جهاز تنفس صناعي مصري بالكامل، يحمل اسم ايزفينت “EZVent”، على الترخيص التجاري الرسمي، ليصبح بذلك علامة فارقة في تاريخ تصنيع الأجهزة الطبية داخل مصر، وتحديدًا في قطاع الرعاية الحرجة في خطوة نوعية تعكس تطور منظومة البحث العلمي وربطها مباشرة بالصناعة الوطنية.
وأوضحت جامعة القاهرة في بيان لها أن الجهاز الجديد، الذي طُوِّر بأيادٍ مصرية من مهندسين وأطباء وخبراء بحث علمي، يُعد أول نموذج محلي التصميم والتصنيع في مجال أجهزة التنفس الصناعي المتقدمة، وقد جرى تطويره داخل كلية الطب بالتعاون مع شركة “العز للصناعات الطبية” (عز ميديكال)، ووفق معايير السلامة والأداء الدولية المعتمدة.
صناعة وطنية بتوقيع “قصر العيني”
وقال الدكتور محمد سامي عبد الصادق، نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، إن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث دون بيئة تنظيمية وبحثية ناضجة داخل كلية الطب، مشيرًا إلى أن الاستراتيجية العامة للجامعة تركز على تحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات وطنية تدعم الاقتصاد والمعرفة وتخدم المجتمع، خاصة في القطاعات الحيوية كالصحة.
من جانبه، أوضح الدكتور حسام صلاح، عميد كلية طب قصر العيني، أن النموذج الأولي للجهاز تم تطويره داخل مركز التعليم الطبي المستمر، قبل أن يخضع لتجارب سريرية دقيقة بوحدة الرعاية المركزة، مؤكدًا أن نتائج تلك الدراسات أثبتت كفاءة الجهاز وسلامته، دون رصد أية آثار جانبية أو تغيرات فسيولوجية في المرضى الذين خضعوا لاختباره.
نتائج إكلينيكية مبشّرة
وأوضح الدكتور عبد المجيد قاسم، وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث، أن ما تحقق لا يُمثل مجرد إنجاز بحثي، بل هو نقطة انطلاق حقيقية نحو بناء صناعة وطنية مستدامة في مجال الأجهزة الطبية، خاصة في ظل الحاجة المتزايدة لهذه التقنيات محليًا وإقليميًا.
أما الدكتور ياسر صادق نصار، الباحث الرئيسي في المشروع وأستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العيني، فقد وصف المشروع بأنه تجربة عملية ناجحة تُجسد الإمكانات الكبيرة التي تملكها مصر في مجال البحث والتطوير. وأكد أن الجهاز يُضاهي في أدائه أجهزة التنفس الصناعي المستوردة، لا سيما من حيث ثبات التهوية الميكانيكية وكفاءة المعالجة السريرية، مما يؤهله للاستخدام الآمن في وحدات العناية المركزة.
من النموذج إلى السوق
وكانت كلية الطب قد وفرت حاضنة علمية متكاملة للمشروع منذ انطلاقه، حيث تم تصنيع النموذج الأولي وتجربته في مركز التعليم الطبي المتطور (LRC)، قبل أن يتم الانتقال إلى مرحلة التجارب السريرية الكاملة على المرضى داخل وحدة الرعاية المركزة بالكلية، وجاءت النتائج جميعها متوافقة مع المعايير البحثية الدولية.
وقد لعب الدكتور ياسر نصار دورًا حيويًا في تصميم الدراسة السريرية، والإشراف الكامل على مراحل التصنيع والاختبار، إلى جانب مساهمة فريق عمل متعدد التخصصات، ضم نخبة من الأطباء والمهندسين، من بينهم الدكتور محمد جمال الأنصاري، والدكتورة إسراء عبد الرؤوف، والدكتورة سحر، والمشرفة حبيبة، والمهندسة عزيزة، إلى جانب دعم مؤسسي من قسم طب الحالات الحرجة بقيادة أساتذة كبار مثل الدكتور شريف مختار، والدكتور حسام موافي، والدكتورة شيرين الجنجيهي.
توطين التكنولوجيا الطبية
يمثل “EZVent” تجسيدًا حيًا لنجاح الدولة المصرية في بناء نموذج متكامل لتوطين التكنولوجيا الطبية المعقدة، وتقليص الاعتماد على الأجهزة المستوردة، خاصة في أوقات الأزمات والطوارئ الصحية. ويؤكد هذا الإنجاز أن المعرفة لم تعد حبيسة المعامل والمجلات العلمية، بل أصبحت تُترجم إلى منتج فعلي على أرض الواقع، يخدم المريض، ويعزز قدرة الدولة على الاستجابة للأزمات.
هذا الجهاز لا يُعد فقط ابتكارًا تقنيًا، بل هو مشروع وطني بامتياز، يفتح الباب واسعًا أمام صناعة مصرية قادرة على المنافسة في قطاع من أكثر القطاعات حساسية وتأثيرًا في حياة المواطنين.
