ظلال الاخبار

الصفقة المتعثرة بين مراوغة نتنياهو وتهديدات ترامب

0:00

يبدو أن الخروج من النفق المظلم الذي دخلته مفاوضات إنجاز صفقة في غزة، تلك التي بدأت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما زالت تراوح مكانها دون أي بصيص ضوء يمكن التمسك به، فالمعطيات الراهنة لا تشير إلى قرب تحقيق أي تقدم، فبالرغم من محاولات حركة (حماس) وجهات عربية ودولية فاعلة ومن داخل إسرائيل أيضًا للخروج من النفق، إلا أن العوائق التي يضعها نتنياهو تبدو أكبر من أن يتم تجاوزها بسهولة.

لسان حال نتنياهو يبدو واضحًا: “لماذا أقدم تنازلات الآن إذا كان بإمكاني تحقيق أهدافي بعودة ترامب؟”، فالتصعيد الإسرائيلي الأخير في غزة والضغوط المتزايدة على الحركة تأتي ضمن حسابات مدروسة، هدفها المماطلة والمراوغة مع توقع أن سياسة ترامب القادمة ستتيح لإسرائيل مساحة أوسع للمناورة دون قيود تُذكر.

لا شك أن ترامب المدان في جرائم عدة ومثله نتنياهو، يريدان إخضاع (حماس) لسياسة الأمر الواقع، مما يضع غزة من دون خيارات سوى القبول بتسويات غير عادلة.

تتضح هذه السياسة مع اقتراب تنصيب دونالد ترامب في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، تلك التي تبدو أكثر تشددًا تجاه الفلسطينيين، ولن تسقط الضفة من حساباتها أيضًا، هذه السياسة تنبئ بتصعيد في الضغوط الأمريكية على الفلسطينيين، مع تعزيز الدعم الأمريكي لإسرائيل في مواجهة حركة (حماس)؛ إذ يسعى ترامب إلى دفع المنطقة نحو حل أحادي يركز على مصالح إسرائيل، متجاهلًا الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.

تحذيرات صارمة

الرسائل التي أطلقها ترامب، سواء عبر تصريحاته أو فريقه الانتقالي، تحمل نبرة تحذيرية واضحة، فقد وجّه تهديدات صريحة لحركة (حماس) بضرورة الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين قبل موعد تنصيبه. هذه التصريحات جاءت كجزء من خطاب أوسع يستهدف الشرق الأوسط عمومًا، حيث لوّح بعواقب وخيمة لمن لا يمتثل لهذه المطالب، متجنبًا تحديد الأطراف المعنية بشكل مباشر.

من خلال هذه الإشارات، يبدو أن إدارة ترامب الجديدة تُمهّد الطريق لسياسة تعتمد على القوة والردع ضد أي طرف يعارض إسرائيل أو يعقّد أجندتها في المنطقة، وبدا ذلك جليًا مع إعلان إسرائيل عدم انسحابها من المناطق التي دخلتها في جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة الـ60 يومًا وفقًا لاتفاق الهدنة، واستمرار استفزازها للسلطة الجديدة المؤقتة في سوريا عبر شن هجمات واقتحام قرى حدودية بحجة البحث عن أسلحة، إذ يتزامن هذا التوجه مع رغبة ترامب في تعزيز النفوذ الإسرائيلي إقليميًا ودوليًا، بما يتماشى مع سياساته السابقة.

إرث ثقيل ومواقف متطرفة

النسخة السابقة من ترامب، لن تكون مختلفة هذه المرة، بل يتوقع أن تكون أكثر شراسة وعدائية، فهو لم يتوانَ عن اتخاذ قرارات أضرت كثيرًا بالقضية الفلسطينية، فقد أعلن القدس عاصمة لإسرائيل في خطوة أثارت جدلًا عالميًا، واعترف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل في انتهاك صارخ للقرارات الدولية. هذه الخطوات، رغم الانتقادات، مثلت حجر الزاوية في سياسته التي تتسم بانحياز كامل لإسرائيل.

ومع عودته إلى الساحة، يبدو أن نسخته الجديدة ستبني على هذا الإرث، ولكن بإجراءات أشد حدة ووضوحًا، فتصريحاته تحمل وعودًا بتدمير ممنهج لكل من يعرقل سياسات الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة.

ما الذي يعنيه ذلك للفلسطينيين؟

بالنسبة للفلسطينيين، فإن المؤشرات تؤكد أن المرحلة القادمة صعبة جدًا، فالتصعيد الأمريكي قد يأخذ أشكالًا متعددة، سواء عبر فرض المزيد من الحصار والتجويع لقطاع غزة، إذ أعلن ترامب مؤخرًا، أنه لن يعترض على وقف دخول المساعدات إلى القطاع، لكن الأخطر من ذلك هو دعم إسرائيل في شنّ عمليات عسكرية أكثر شمولية وشراسة ضد القطاع المنكوب، أو مناطق أخرى.

تحديات مضاعفة

وسط هذا التصعيد الإسرائيلي والدعم الأمريكي المتوقع، يبرز الانقسام الفلسطيني كأحد أخطر العوائق التي لا تصب في مصلحة الضفة أو غزة في مواجهة هذه التحديات، فبدلًا من التوحد لمواجهة العدوان، تعيش الساحة الفلسطينية حالة من التشرذم بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وبين الفصائل الفلسطينية المختلفة والسلطة.

هذا الانقسام لا يضعف الموقف الفلسطيني أمام إسرائيل وحسب، بل يُفقد الفلسطينيين دعم المجتمع الدولي الذي يحتاج لرؤية قيادة موحدة تمثل طموحاتهم وآمالهم، ومن دون استراتيجية موحدة، قد تجد الأطراف الفلسطينية نفسها غير قادرة على مواجهة الضغوط المتزايدة أو استثمار أي فرصة للدفع نحو حلول تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني.

يأتي ذلك في الوقت الذي رأى فيه عدد من أعضاء “الكنيست” أن الجيش الإسرائيلي “حنون جدًا” تجاه حركة (حماس)، لدرجة أنهم تساءلوا إن كان الجيش يوزع الورود بدلًا من القنابل! واعتبروا أن استراتيجيته الحالية بعيدة كل البعد عن الحسم، مطالبين بتشديد الإجراءات العسكرية، من خلال حصار شامل على شمال غزة، وتدمير البنية التحتية، وحتى استهداف كل من يرفض رفع الراية البيضاء، في محاولة للحد من ما وصفوه بـ”اللين المفرط” في التعامل مع العدو.

يبدو أن أعضاء “الكنيست” في غيبوبة عسكرية، فلا أثر للدمار والمجازر التي ارتكبها جيشهم في غزة طوال 15 شهرًا! ربما يظنون أن فوضى الحرب لا تكفي وأن “الحنان” تجاه (حماس) يجب أن يتوقف، لكن مع ذلك لن يزعجهم حقيقة أن الحصار والتدمير قد حققا بالفعل “إنجازات” غير مسبوقة في قتل نحو 45 ألف شخص حتى الآن ومفاقمة معاناة المدنيين.

ورغم التدهور الإنساني الكارثي في غزة، يظل المجتمع الدولي عاجزًا أو مترددًا في فرض ضغوط حقيقية على إسرائيل، فقد أسهم انحياز القوى الكبرى لإسرائيل في إضعاف أي جهد دبلوماسي يهدف لتهدئة الأوضاع أو التخفيف من معاناة الفلسطينيين. أما الدول العربية، فرغم محاولاتها التدخل في المشهد، إلا أن تأثيرها ظل محدودًا.

إن قراءة المعطيات المستقبلية القريبة تشير إلى أن أي مسار لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة سيظل محفوفًا بالتعقيدات، إذا يستمر نتنياهو بمراوغاته السياسية تجاه التهدئة، بينما تعيد تهديدات ترامب صياغة المشهد وفق توازنات لا تعترف بحقوق الفلسطينيين ولا بمعايير العدالة الدولية.

hgwtrm hgljuevm fdk lvh,ym kjkdhi, ,ji]d]hj jvhlf
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي
زر الذهاب إلى الأعلى

اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين