الاتحاد الأوروبى وتكتل “ميركوسور” يتوصلان لاتفاق بإنشاء منطقة تجارة حرة
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبى أتم المفاوضات المتعلقة باتفاقية التجارة الحرة مع مجموعة “ميركوسور”، التي تضم الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي، مما يمثل نهاية 25 عامًا من المفاوضات، رغم المعارضة الشديدة من فرنسا والمزارعين الأوروبيين ومجموعات حماية البيئة في جميع أنحاء الاتحاد.
وقالت فون دير لاين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رؤساء الدول الأربع، “اليوم يمثل نقطة تحول تاريخية حقًا”، وذلك في ختام قمة استمرت يومين في مونتيفيديو بأوروجواي.
وأضافت “نرسل رسالة واضحة وقوية إلى العالم، في عالم يتسم بزيادة النزاعات، مفادها أن هذا الاتفاق ليس مجرد فرصة اقتصادية، بل هو ضرورة سياسية”.
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أن “الانفتاح والتعاون هما المحركان الحقيقيان للنمو والازدهار”، مشيرة إلى أن هناك “رياحا قوية تهب في الاتجاه المعاكس.. وهذا الاتفاق هو ردنا”.
من جانبه، أقر لويس لاكالي بو بأن الاتفاق لن يكون “حلًا سحريًا”، موضحًا أن “الخطوات ستكون تدريجية، ولكنها ضرورية”.
بدأت المفاوضات حول اتفاقية الاتحاد الأوروبي- “ميركوسور” في عام 1999، وأسفرت عن اتفاق سياسي أولي في عام 2019، لكن تأخرت المصادقة من قبل الدول الأعضاء بسبب المخاوف المتعلقة بالاختلافات في المعايير البيئية بين الاتحاد والدول في الكتلة الأمريكية الجنوبية، بالإضافة إلى الاحتجاجات المتزايدة من المزارعين.
وتهدف الاتفاقية إلى إنشاء واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم (سوق واسعة تضم أكثر من 700 مليون مستهلك) عن طريق إلغاء التعريفات الجمركية على الصناعات المصدرة الرئيسية للاتحاد الأوروبي، مثل السيارات والآلات والمواد الكيميائية والأدوية.
وبشكل عام، يتوقع أن يتم إلغاء الرسوم الجمركية على 91% من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول “ميركوسور”، و92% من صادرات “ميركوسور” إلى الاتحاد الأوروبي، وفقًا لبيانات المفوضية.
وفيما يتعلق بقطاع الأغذية الزراعية، سيؤدي الاتفاق إلى إلغاء تدريجي لـ 93% من الرسوم الجمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول “ميركوسور”، بما في ذلك النبيذ والمشروبات الروحية وزيت الزيتون والفواكه المعلبة، بالإضافة إلى تحرير 82% من واردات المنتجات الزراعية.
وحاليًا، تعتبر دول “ميركوسور” شركاء تجاريين رئيسيين للاتحاد الأوروبي، حيث بلغت صادرات الكتلة الأوروبية إلى البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي 55.7 مليار يورو في عام 2023، بينما بلغت واردات هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي 53.7 مليار يورو في نفس العام، مما يعني أن إجمالي التبادلات (الواردات والصادرات) بلغ 110 مليارات يورو في عام 2023.
ونظرًا للتوترات المتزايدة مع اثنين من الشركاء التجاريين الرئيسيين للاتحاد الأوروبي، وهما الولايات المتحدة والصين، دعت ألمانيا، التي تعتبر عملاق التصدير الأوروبي، إلى إنهاء سريع للاتفاق.
واقترحت عدة صناعات ومسؤولون سياسيون تقسيم الاتفاق إلى شقين لتسريع العملية، مما سيسمح بالمصادقة على الأجزاء الأساسية من الاتفاق، بما في ذلك الرسوم الجمركية والحصص الاستيرادية.
بينما تعاني فرنسا، التي تعد أبرز معارضي الاتفاق، من حالة من عدم اليقين السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، فإن إعلان انتهاء المفاوضات بشأن الاتفاق مع الميركوسور قد يثير استياء باريس.
وحذر المعارضون للاتفاق، بما في ذلك الحكومتان الفرنسية والبولندية، من زيادة الواردات من المواد الغذائية الرخيصة من “ميركوسور” ، والتي يرون أنها تخلق منافسة غير عادلة للمزارعين الأوروبيين بسبب الفروقات في المعايير البيئية.
وفي محاولة لتهدئة المخاوف، اقترحت المفوضية في عام 2019 حزمة من التدابير المالية الداعمة التي قد تصل إلى مليار يورو في حال حدوث اضطرابات في السوق.. ومع ذلك، لم يتم الإشارة إلى هذه الحزمة خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد الجمعة.
وخلال المؤتمر الصحفي، أكدت فون دير لاين أنها استمعت إلى “المخاوف” التي يعبر عنها قطاع الزراعة في الاتحاد الأوروبي وأنها وضعت “ضمانات” في إطار الاتفاق.
وبموجب المعاهدات الأوروبية، تعتبر المفوضية هي الجهة الوحيدة المخولة بالتفاوض على الاتفاقيات التجارية باسم الدول السبع والعشرين.. ومع ذلك، لكي يدخل أي اتفاق حيز التنفيذ، يجب أن يتم التصديق عليه من قبل ما لا يقل عن خمسة عشر دولة عضو تمثل 65% من سكان الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الحصول على موافقة البرلمان الأوروبي. وبالتالي، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق في مونتيفيديو، فإنه قد يعطل دون هذه المصادقات.
يشار إلى أنه في الأسابيع الأخيرة، بذلت باريس جهودًا لتشكيل “أقلية معطلة” ضد الاتفاق. وعلى الرغم من أن بولندا هي الدولة الوحيدة التي أعلنت صراحm معارضتها للاتفاق حتى الآن، إلا أن دولًا أخرى مثل النمسا وهولندا وبلجيكا قد أبدت أيضا تحفظات.