أشرف غريب يكتب: الخبثاء يمتنعون – كتاب الرأي
فاز الأهلى ببطولة كأس السوبر المصري، بعدما تغلب على غريمه التقليدي نادى الزمالك فى مباراة مثيرة ومتكافئة، حسمتها ضربات الحظ الترجيحية على استاد محمد بن زايد فى دولة الإمارات العربية المتحدة، فاز الأهلي فوزاً منطقياً لأن كل أسباب الفوز دائماً ما تتوفر له.
وخسر الزمالك خسارة منطقية أيضاً لأن عوامل الهزيمة كانت تسبق حضوره إلى أرض استاد محمد بن زايد، ولو كان الأهلى قد خسر -وهذا كان وارداً- لأصبح ذلك ضد طبائع الأشياء، ولو كان الزمالك قد فاز -وهذا كان ممكناً أيضاً- لكان هذا إنجازاً لافتاً ضد منطق الأمور فى مثل هذه الظروف التى أقيمت فيها المباراة، لكن الأهلى فاز منتصراً للمنطق حتى لو كان الزمالك نداً له فى كثير من أوقات المباراة العصيبة.
فى نهاية المباراة فاز من فاز وخسر من خسر، لأن فى مثل هذه المباريات النهائية لا بد لها من فائز ومهزوم، وهى لم تكن الأولى التى تجمع بين الفريقين العتيدين ولن تكون الأخيرة بطبيعة الحال، فقبل أسابيع تغلب الزمالك على الأهلى فى نهائى كأس السوبر الأفريقية.
وبعد أسابيع أخرى سوف يلتقى الفريقان مجدداً فى مباراة الدورى العام المصرى، وهكذا هى الرياضة جولات متعاقبة لا يضمن فيها طرف الفوز الدائم مهما كانت قوته أو توفرت له أسباب التفوق، لتبقى كرة القدم بالنهاية مجرد لعبة وليست ساحة للنزال، وتصبح المواجهة بين الفريقين مجرد مباراة فى كرة القدم ليس أكثر.
الأمر المهم أن المباراة وصلت إلى بر الأمان وانتهت على أفضل حال، وظهر الفريقان بصورة تليق بسمعة الناديين الكبيرين وبسمعة الكرة المصرية، وتخفف إلى حد كبير من الأثر السيئ الذى تركته أحداث ما بعد مباراة الزمالك وبيراميدز فى الدور قبل النهائى لبطولة السوبر المصرى، ولعلها فرصة سانحة للتأكيد على أن العلاقات العميقة بين مصر ودولة الإمارات العربية الشقيقة قيادة وشعباً لا يمكن أن تعكرها أحداث فردية كهذه.
وعلى المتربصين الخبثاء وأصحاب النوايا السيئة أن يمتنعوا عن الصيد فى الماء العكر، نعم أخطأ ثلاثى الزمالك أياً كانت خلفيات ودواعى ما حدث، ما خفى منها وما ظهر، وسوف يقول فيها القضاء الإماراتى النزيه كلمته بعد يومين، لكنه فى النهاية مجرد حادث فردى من الجائز حدوثه فى أى مكان فى العالم، ولا ينال على الإطلاق من صلب العلاقات المتينة والأخوية بين الدولتين، كما أنه لن يمنع الأشقاء فى الإمارات من تكرار تنظيم مثل هذا الحدث الرياضى المهم فى قادم الأعوام.
ومع هذا كله، فإنه على أطراف المنظومة الرياضية برمتها مراجعة الموقف واستخلاص العبر تجنباً لتكرار مثل هذه الأحداث، وحسناً فعل نادى الزمالك الذى بدأ بنفسه -لأن المشكلة بدأت من عنده- حين أعلن قبل أيام وحتى من قبل أن يلعب المباراة النهائية أنه قرر فتح تحقيق شامل فى كل ما حدث فى دولة الإمارات، منبهاً إلى أن كل من أخطأ سوف ينال ما يستحقه من عقاب، فالزمالك كبير باسمه وتاريخه وقياداته ولاعبيه وجماهيره.
وعليه أن يكون على قدر المسئولية التى تليق بالكيانات الكبرى، ولا بد كذلك أن يتخذ اتحاد الكرة المصرى التدابير اللازمة من أجل عدم تكرار ما حدث، وإرساء العدالة بين الجميع فى العقاب، ليس فقط بشأن الأحداث الأخيرة وإنما فى كل ما يتعلق بالمسابقات الكروية التى ينظمها الاتحاد لا سيما ونحن على أعتاب بداية موسم جديد نتمنى أن يسوده الاستقرار والروح الرياضية، ويشعر فيه الجميع بالمساواة، لا أن تميل فيه القرارات باتجاه هذا الفريق أو ذاك، وهذا كله لصالح الكرة المصرية التى تواجه فى الفترة القادمة استحقاقين مهمين يتعلقان بكأس الأمم الأفريقية التى ضمنت مصر الوصول إلى نهائياتها بالمغرب، والتصفيات المؤهلة لكاس العالم 2026 التى تسير فيها مصر بخطى جيدة حتى الآن.